إن ما يتم تسريبه في هذه الأيام من أن المعارضة بكافة أطيافها وأشكالها سوف تقدم على المشاركة في الانتخابات القادمة ومنها حشد والحركة الدستورية وهو الموضوع الذي تم استعراضه قبل سنة في مقالة سابقة، ولكن الجديد هنا هو ان جميع مكونات المعارضة سوف تكون داخل قبة البرلمان القادم وإن اختلفت مسمياتها فالتنازل عما كان بالأمس محرما حتى ولو كان حديثا أصبح اليوم مباحا بل ومشجعا لجميع أركان المعارضة وإن اختلف المضمون ولكن يبقى المحتوى واحدا، فماذا كسبت معارضة الردع إلا التخاذل عن مبادئ نتفق معهم على بعضها ولكن نختلف على طريقة اتباعها، فنحن مع المعارضة الاصلاحية التي ترى الإصلاح طريقا لها ومنبرا تتكئ عليه، بعيدا عن المصلحة الشخصية أو الحزبية، وبعيدا عن معارضة الصوت العالي، فمن الصواب أن نستمع للآخر كما نريد للآخر ان يستمع الينا، هذه هي الديموقراطية الحقيقية التي ترسم طريق النجاح بين جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية، نحن نؤيد المعارضة في بعض مطالبها ولكن نختلف في الشق الآخر من المعارضة التي تقيم البلد بالصراخ وتقاطع الانتخابات بمجرد فقط تغيير النظام الانتخابي وهذا حق مكفول للسلطة ولكن أيضا حق للمعارضة السلمية ونحن مع هذا النوع من المعارضة أن نغير المرسوم الانتخابي من داخل قاعة عبدالله السالم وليس بالاقتحام وإثارة الفوضى والتعصب للرأي الواحد ومحاولة لي ذراع الحكومة بهذا النوع من الأسلوب، كانوا بالأمس يتغنون بالربيع العربي وكأنه تلميح بأن القادم هو الأسوأ، انظر الى هذه الدول التي كان يضرب بها المثل والتي تسمي أنفسها بدول الربيع العربي كيف تدور بها الحروب الأهلية وانعدام الأمن والأمان، نحن نعيش في ربيع عربي منذ أكثر من خمسة عقود فالدستور جعل الشعب يشارك في الحكم وذلك عن طريق مجلس الأمة وهذا عقد بين الحكومة والشعب، نعم نحن نختلف مع الحكومة في بعض الأمور ونقول بكل صراحة هناك أمور جوهرية وأساسية تئن منها الحكومة بسبب أسلوب الحكومة بعدم احتواء معارضة الإصلاح، فنحن للأسف سياستنا تعتمد على منهج الربح والخسارة وهذه نظرة عقيمة فمن واجب الحكومة احتواء المعارضة الإصلاحية أما معارضة الردع فهاهي تتهاوى كأحجار الشطرنج فنحن شعب عاطفي نتعاطف بقلوبنا ولا تحكمنا عقولنا للتمييز بين الحق والباطل، نعم أنا معارض إصلاحي لا أرضى بأن تتجاوز الحكومة ما نص الدستور به من حقوق مكتوبة ومكفولة وكذلك لي حق أن أشرع وأراقب أداء الحكومة لذلك، يجب أن نخرج من عباءة الرابح والخسران، فالسياسة هي طاولة مستديرة يجلس عليها جميع الفرقاء للتوصل الى قوانين وقرارات تتفق عليها الغالبية، أعتقد ان المجلس أداؤه ضعيف والسبب هو المعارضة التي كانت تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، وأعتقد أن العمل السياسي جامد، وها هي المعارضة تتحول الآن إلى ورشة وخلية تواصل ليلها بنهارها للتهيؤ لدخول مجلس الأمة، إقحام الشعب قبل 5 سنوات في مسيرات ومظاهرات وتأزيم لم يحصل من قبل، والآن جاء الاشتياق الى الكراسي الخضراء متنازلين عن مبدأ المقاطعة بمبررات تحفظ ماء الوجه لديهم، نعم في زمن المقاطعة الأولى والثانية شاركنا وكنا ننادي بمعارضة الإصلاح، معارضة داخل قاعة عبدالله السالم وليس خارجها معارضة تشريعية ورقابية، معارضة تخاف الله في عملها وترى مصلحة الناخب والمواطن فوق كل اعتبار، معارضة إصلاح ثم إصلاح ثم إصلاح ووداعا لمعارضة الردع التي سارت بالبلاد في فتنة لو اشتعلت نارها لأكلت اليابس والأخضر.