إن ما نراه الآن على الساحة السياسية ما بين تحريك المياه الراكدة وتجاذبات بين جميع الأطراف ومراقبة الكل للكل هو واقع مرير، فالوضع السياسي يشير الى أننا نعيش مرحلة سيئة، سواء من حيث أداء الحكومة أو أداء البرلمان، فهذا جمود لم تعهده الكويت حتى مع أول برلمان كانت هناك تيارات وكتل ممثلة في البرلمان عن طريق الشعب، فمن المخطئ: هل هو الشعب الذي لم يشارك أكثر من نصفه في الانتخابات السابقة وعزف وترك العمل السياسي لتتاح الفرصة للوجوه الجديدة، أم سوء اختيار الذين شاركوا في العملية الانتخابية الأخيرة وأفرزوا لنا نوابا، تركة المجلس ثقيلة عليهم؟ فلو تقدم أحد الساسة وسأل بعض البرلمانيين عن بعض مواد الدستور لأصاب العضو بحرج شديد، لأنه ومع الأسف، البعض لا يفقه حتى اللائحة الداخلية لمجلس الأمة فكيف يراد منه أن يشرع ويراقب أداء الحكومة؟ فالحكومة الحالية لن تجد أفضل من هذا المجلس، لأنه مجلس مسالم، نعم نحن شعب تشنجنا بالمقاطعة الأولى وخف التشنج نوعا ما بمقاطعة أشبه ما نقول عنها مقاطعة أكثر من النصف، فلماذا نتذمر ونحن، سواء المقاطع أو المشارك، من يتحمل وزر الوضع السياسي القائم بأدائه المسالم في عطائه، وأنا أجزم من هنا بأنه لن يمر على البلاد مجلس مثل هذا المجلس وأجزم أيضا بأنه سيأتي مجلس قادم بمخالب قوية ولكنه لن يكمل سنواته الأربع، لأن الحكومة عندما ترى نفسها غير قابلة للتشريع والمراقبة فإنها ترفع كتاب عدم تعاون مع المجلس.
فلماذا لا يتحمل كل طرف مسؤولياته؟ الحكومة لا تخشى المراقبة والتشريع تقوم بأدائها على أحسن ما يكون، وبرلمان أعضاؤه عندهم جسارة وشجاعة ولديهم إلمام بجميع القوانين لا يخافون في قول الحق لومة لائم، يراقبون الله أولا فيما يقولون ويفعلون، صادقون وحريصون على مصلحة الشعب وعلى المال العام.
نحن شعب أقولها بكل صراحة وبالرغم من مرور خمسة وخمسين عاما على إصدار دستور البلاد نفتقد الى ثقافة الديمقراطية وهي احترام الرأي والرأي الآخر، فمتى ما وصلنا الى تلك المرحلة فسوف نكون شعبا يعيش الواقع.