هاهي الكتل والتيارات السياسية بدأت تهيئ نفسها وتعيد ترتيب أوراقها لانتخابات مجلس الأمة القادم الذي لم يبق عليه دستوريا سوى عام واحد، هذا اذا لم تستجد بعض الأمور السياسية التي تستدعي حله وإن كنت أعتقد ان المجلس سيكمل دورته البرلمانية بالكامل، وهذا ما أرادته الحكومة وفشلت فيه المعارضة.
نعود الآن الى الحديث عن الكتل ومدى مشاركتها، فما كان محرما الحديث فيه بالأمس أصبح مباحا ومتداولا في الوقت الحاضر، فالكتل السياسية وعلى جميع الأصعدة تتسابق فيما بينها للتحضير للانتخابات المقبلة، فماذا يعني ذلك للمراقب السياسي؟ وماذا يرجع اليهـ؟ هذا يعني بكل شفافية وبكل وضوح أن الكتل رضخت للأمر الواقع، وأن الحكومة كسبت جولات متعددة في ذلك، منها إقرار الصوت الواحد، إزاحة المعارضة عن طريقها وجعل المعارضة في خانة اللاشيء، جلب نواب جدد يمكن وصفهم بأنهم حكوميون وترشيحهم نواب بدعم حكومي، فكان أحرى للشعب بدلا من جمود الحراك الشعبي واعتزال المعارضة العمل السياسي أولا بسبب المكابرة، ثانيا عدم احتساب الأمور بواقعية، ثالثا مراهنة أن الحكومة ستفشل إذا لم تشارك المعارضة، هذا ما جعل الحكومة تقتنص الفرصة وتتقدم الى الأمام بعد ما وضعت المعارضة العراقيل أمام نفسها، فهذا هو خطأ كبير من المعارضة اقتنصته الحكومة.
نعود إلى محور حديثنا السابق ألا وهو تجهيز أغلب كتل المعارضة لنفسها للمنافسة في الانتخابات القادمة، وهذه حالة إيجابية ستمنح الحراك السياسي جرعة من النشاط، فمشاركة المعارضة هي عودة أكثر من 60% من المجتمع للمشاركة في العملية الانتخابية، وهذا سيدفع للموازنة في مجلس سيجمع المعارضة واللاموالاة، وإن كنت أجزم بأن المجلس القادم سيكون مجلسا فيه معارضة من النوع الثقيل، حيث الأسماء المتداولة حاليا هي أسماء من الحجم الكبير لأن هناك كتلا بدأت اجتماعاتها مبكرا، وبدأت بعض الأسماء بالتسرب، وهاهي الكتل المقاطعة ترتب أوراقها وتدعو مجاميعها الى تجهيز أنفسهم للعودة من جديد للساحة الانتخابية، وهذا ما سيجعل التوازن السياسي هو سيد الموقف، فوجود معارضة مقننة هي حالة ايجابية لن تجعل فرصة هناك لمعنى غالب ومغلوب.
٭ كلمة أخيرة: قلنا بالأمس ونعيد ما قلناه: ان ركون المعارضة بالمقاطعة ليس في صالح الشعب لأن هذا أشبه بالإضراب السياسي الذي يدعو إلى شل الحركة السياسية، فعندما يجلس الكبار بعيدا يأتي نقيض ذلك، فلا وجود لكتل حقيقية ولا يوجد تمثيل شعبي حقيقي يمثل إرادة الشعب، فعندما قاطع الشعب المجلس قبل الماضي توقعنا أن تكون هناك مقاطعة، فكانت هناك مقاطعة كبيرة جدا للانتخابات، وتوقعنا في المجلس الماضي أن تكون المشاركة أكبر، فأصبحت كذلك، وهانحن نرى أن الكتل المعارضة بدأت تتبدل آراءها مع أن الوضع الذي كانت المعارضة تدعو اليه بالمقاطعة لايزال قائما، ألا وهو الصوت الواحد، فماذا تغير؟ لأن الكتل علمت علم اليقين أن مقاطعتها ستجلب اليها الكثير من الضرر بخسارة الكثير من قواعدها ورأت أن انغلاقها وعزل نفسها من العمل السياسي سيزيدان الوضع تعقيدا، فنحن قلنا بمقالة سابقة إن المعارضة ستعود بالمشاركة رغم معارضة الكثير لرأيي المتواضع الا أن الأيام كشفت ما أخفته الليالي، فالمشاركة القادمة ستجلب لنا مجلسا قويا بأداء جيد.