«إن الإنسان غاية الدين وكل دين لا تكون غايته الإنسان ليس إنسانيا، وإن جوهر إنسانية الدين هو حماية الكرامة»، بهذه العبارات يبدأ المفكر العراقي د.عبدالجبار الرفاعي كتابه الجديد عن الدين والكرامة الإنسانية وهو بحث مهم في عالمنا المعاصر الذي يحتاج إلى تعزيز منظومة الكرامة نظريا وعمليا، وذلك ليتم رفض كل أشكال التمييز بين الناس.
لحماية رسالة كل دين، حيث يفترض انه يحمي كرامة الإنسان ويصونها لان الإنسان وكرامته وسكينته وطمأنينته وإسعاده غاية ما ينشده الدين.
إنه لا كرامة بلا مساواة فلقد خلق الله الناس متساوين في إنسانيتهم فلا يوجد إنسان كامل الإنسانية وآخر إنسانيته ناقصة، لذلك إذا أردنا أن نختبر أخلاقية أية ديانة فلابد أن يكون ذلك عبر النظر فيما ترسخه في تجلياتها من قيمة للكرامات والحريات والحقوق وبجهودها من أجل تحرير الإنسان من الاستعباد، وقدرتها على حمايته من الإذلال والاحتقار لذلك فإن أي مسعى لتحقيق العدالة اليوم دون أن يحقق المساواة فإنه جهد ضائع لا تتحقق به عدالة ولا يحمي كرامة لأي إنسان.
الكرامة تشمل كل ما من شأنه إعلاء قيمة الوجود الإنساني وإن نصاب الكرامة في القيم يتفوق على كل ما سواه، وكل القيم تجد معناها في حمايتها للكرامة وصيانتها من كل ما ينتهكها، إن الكرامة لا غير هي ما يرسخ الشعور بأهمية الحياة، وتجعلها تستحق أن تعاش، وهي شرط لتذوق معناها وكما أن الكرامة ضرورة للفرد وللأمة وهي تبدأ بكرامة الفرد لتنتهي بإسلامه ولا كرامة لأمة بلا كرامة لأفرادها لذلك فعندما تنتهك كرامة الأفراد تحت أية ذريعة فلا كرامة للأمة.
إن الإنسان بوصفه إنسانا لا غير يستحق الكرامة والحريات والحقوق.
الإنسانية قيمة كونية عابرة للأعراق والثقافات والأديان، الكرامة هي الإطار الأخلاقي الذي تتوحد فيه قيمة الإنسان ومكانته، وتقديره لذاته وتقدير الغير له.
الكرامة تضمن إنسانية الإنسان، وتحميها من كل تمييز وتعصب واحتقار ينشأ على أساس الجنس أو العرق أو الثقافة أو الجغرافيا أو الدين أو غير ذلك.
إن المعيار الأساس لاختبار إنسانية أي دين هو كيفية تعاطيه وإعلائه للكرامة الإنسانية، والموقع الذي تحتله الكرامة في منظومة القيم لديه.
إنسانية الدين تلخصها نظرته للكرامة بوصفها القيمة التي تستحضر كل قيمة، وتتسع لكل الحقوق الأساسية، وتضع الحرية غاية تتطلع لاستردادها على الدوام كاملة غير منقوصة.
والخلاص في شريعته من أي محاولة لتسويغ العبودية المعلنة أو المقنعة، والإكراهية أو الطوعية.
فان تكريم الإنسان بوصفه إنسانا واجب أخلاقي وليس منة أو تفضلا من أي أحد. الكرامة قيمة إنسانية عليا يتساوى فيها كل الناس بصرف النظر عن دينهم.