على الرغم من أن «Free Guy» ليس مبنيا على لعبة فيديو محددة لكن أحداثه تقع داخل لعبة خيالية، وهو يروي قصة شخصية غير قابلة للعب، والذي يتشكل لديه وعي ويبدأ بالتشكيك بقواعد العالم العنيف من حوله.
راين رينولدز كان إيجابيا للغاية في أدائه لشخصية «غاي»، والذي كان سعيدا بحياته البسيطة في «فري سيتي» أو «المدينة الحرة»، حتى لو تعرض مصرفه للسطو من قبل لصوص مسلحين بشكل مستمر لدرجة أنه يصبح جزءا عاديا من حياته الروتينية، لكن تتلاشى هذه الحيوية والتفاؤل عندما يلتقي «غاي» بفتاة، اسم المستخدم الخاص بها هو «مولوتوف غيرل» (فتاة المولوتوف) والتي تمثلها جودي كومير، حيث يتمكن «غاي» من الحصول على فتاة أحلامه، عندما يأخذ نظارة شمسية يرتديها الأوغاد الذي جعلوا «فري سيتي» مرتعا للفوضى، والتي تجعله يرى العالم كما يفعل اللاعبون، مليئا بالتعزيزات والغنائم والمهام التي تقدم الكثير من الإشارات الممتعة لعالم ألعاب الفيديو.
يتناول «Free Guy» مسألة ألعاب الفيديو مثل«pubg» و«Fortnite» ويسقطهما على الواقع بطريقة كوميدية ومسلية للغاية، حيث يعتمد الفيلم على ذلك العالم الافتراضي المجنون الذي يعيشه معظم شباب العالم في عصرنا الحالي بعد أن أصبحت تلك الألعاب بما فيها من عنف وحرية مزيفة متنفسا للكثيرين، والابتكار فيها أصبح مفتوحا لكم كبير من المبرمجين بما تدره من دخل كبير لهم.
يعتمد «Free Guy» على فرضية ظريفة ألا وهي «ماذا لو قررت إحدى الشخوص المبرمجة أن تحصل على حريتها دون أن يتحكم بها لاعب من البشر يجلس خلف شاشة كمبيوتر أو هاتف؟»، وهنا تبرز شخصية غاي الحر (رايان رينولدز)، فمع انطلاق «غاي» لتنفيذ مهمة جديدة، وإحباط عمليات السطو على المصارف، والقضاء على المسلحين الثائرين، ومساعدة «فتاة المولوتوف» على ملاحقة حبكة غامضة، نعيش معه بالكثير من مشاهد الآكشن والكوميديا، كما يتمكن المخرج شون ليفي مع القفز بالمظلات ومطاردات السيارات والبازوكا والانفجارات وإطلاق النار والاشتباكات التي تضم كل ما يخطر على البال من أسلحة، من أسرنا باستمرار بالآكشن الذي يظهر وسط المشهد، ثم يضحكنا كثيرا عبر رمي مذابح عشوائية في خلفية المشهد، وفي حين يتمشى «غاي» على الرصيف مع ابتسامة على وجهه، تحطم دبابة بشكل عادي السيارات من خلفه، وهذا التناقض بين الهدوء والكارثة يؤسس عالم «فري سيتي» الجنوني، والمضحك أيضا بشكل متكرر.
رينولدز بطل رئيسي مثالي للغاية، والذي ينجح بالابتعاد عن السمعة التي بناها في السنوات الأخيرة، فمن خلال أفلام الآكشن والكوميديا أصبحت السخرية هي طابعه الأشهر، لكنه في«Free Guy» يتخلى عن كل ذلك ليلعب دور شخص رومانسي ميؤوس من أمره، يتصرف بتفاؤل وصدق طوال الوقت، إن انفتاح «غاي» تجاه سعادته وخوفه عندما يصبح لاعبا في «فري سيتي» مبهج للغاية لأن حماس «رينولدز» ينتقل للمشاهد بسلاسة مبهرة.
يحمل «Free Guy» حماسة «Deadpool» لكن من دون ماضيه المعذب، وكل ذلك ينجح بشكل كبير بسبب حضور «رينولدز» الذي لا يمكن إنكاره على الشاشة وتوقيته الكوميدي الرائع، سواء كان غاضبا من مهاراته القتالية أو يثرثر حول أهمية المثلجات، فـ «رينولدز» يتمتع بالكاريزما الفوضوية التي جعلت جيم كاري رمزا في التسعينيات، فهو قادر على اختيار أي جملة وجعلها مضحكة للغاية مع تأثير فريد، لكن لسوء الحظ هذا الفيلم ليس فقط حول هذه الشخصية غير القابلة للعب وإنما في الفصل الثاني يقسم «Free Guy» تركيزه بين «غاي» وبين صناع لعبته، الذين يخوضون حربا حول حقوق التشفير.
وبالطبع ليس من المفاجئ أن نشاهد المبرمجين «كومير» و«جوكيري» يتجادلون حول الدعاوى القضائية واكتشاف الأخطاء وإصلاحها، فالأمر ليس مسليا أبدا حتى لو كان المخرج تايكا وايتيتي ضمن طاقم الممثلين بدور الخصم البغيض، وهنا ينتقل «Free Guy» من المتعة إلى التعثر، ففي الوقت الذي يقاتل فيه «غاي» من أجل حبه وحياته، تتعثر الشخصيات في العالم الواقعي مع حبكة غير مضحكة لا تسمح لأي من نجومها بالتألق، فعلى سبيل المثال «كيري» الذي كان رائعا ومحبوبا في مسلسل «Stranger Things» يقدم أداء باهتا كمبرمج جبان، أما «وايتيتي» فقد أذهل المعجبين على الشاشة وخارجها بجاذبيته الغريبة، ثم تأتي «كومير»، والتي أحببناها بدور القاتلة التي لا ترحم في «Killing Eve» لكنها هنا مثقلة بالنكات السخيفة وخسرت بطريقة ما الجاذبية الرائعة التي جعلتها نجمة تلفزيونية شهيرة، وبالتالي مع دخولنا للفصل الثالث في «Free Guy»، يصبح من الصعب الشعور بالتعاطف مع أي شخصية باستثناء «غاي»، لأن العالم الحقيقي ممل جدا.
على أية حال، يضع المؤلفان مات ليبرمان وزاك بين الكثير من الإلهام في الفيلم، فهناك إلهام واضح من «Deadpool» بمشهد الآكشن الافتتاحي، مصحوبا بتعليق صوتي من رينولدز، وأغاني لماريا كيري ومايلي سايرس، وغير ذلك الكثير، كما أن الحبكة عبارة عن مزيج بين «The LEGO Movie» و«Serenity 2019» وThe Truman Show، حيث يدرك كل شخص أن عالمه ليس كما يبدو وأنه ليس من الضروري أن يكون شخصية غير قابلة للعب في مصيره، كما أن أسلوب اللعب والقوانين في Free City وحتى مظهرها يستلهم من العاب Super Mario Bros وGrand Theft Auto وFortnite، وبالإضافة إلى كل ما سبق، أضاف صانعو الفيلم عناصر من أفلام مثل «They Live» و«Oedipus Rex» و«Simulation Theory» و«Meet Joe Black».
إن الرومانسية هي في جوهر دوافع «غاي»، لكن مع ذلك يبدو أن المخرج غير واثق من كيفية التعامل مع هذا الجانب، حيث تتأرجح مشاعر اللقاءات اللطيفة بين «غاي» و«فتاة المولوتوف»، كما أن الفيلم يتعثر في تقديم رسالته الأساسية، حيث يدافع بحماسة عن قيمة الفردية والإبداع بالفن، ويجعل الشرير شخصا لا يهتم سوى بجمع الأموال بصرف النظر عن المفاهيم الأصيلة.