تطالعنا الصحف والقنوات التلفزيونية منذ السابع من أكتوبر بما ترتب على حرب غزة مع الكيان الصهيوني من مآسٍ إنسانية، إذ تقوم الطائرات الصهيونية وبشكل غير مسبوق بقصف المدنيين الفلسطينيين في غزة دون تمييز بين المدنيين والعسكريين تحت ذريعة الدفاع عن النفس، حتى أن الكثير من المراقبين وصف ما يحدث بأنه كارثة إنسانية تخطت حدود الدفاع عن النفس الذي تتذرع به قوات الاحتلال، لنرى الأطفال والنساء قتلى تحت ركام ما تم تدميره من أبنية، في مشهد إنساني وصفته الأمم المتحدة وكثير من هيئات حقوق الإنسان بأنه كارثي ويرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ومما يعصر قلوبنا أن المستشفيات دقت ناقوس الخطر نتيجة لنقص الطاقة بها ونقص الإمدادات الطبية، وموت الآلاف تحت تأثير الألم والمعاناة نتيجة إصابتهم بجروح خطيرة، ولم تجد المستشفيات العاملة في غزة ما تقدمه لهم من أدوية، حتى أن بعض العمليات الجراحية يتم القيام بها بدون مخدر، وهذا ما يجعلنا نتصور كم حجم المعاناة الإنسانية وكم امتهنت الكرامة الإنسانية لإخواننا في غزة.
ووصل الأمر إلى نفاد الأكفان التي يتم ستر الميت بها حتى يصل إلى مثواه الأخير، إذ نادى المستشفى الكويتي بنفاد الأكفان لديه، وأن دل ذلك على شيء فإنما يدل على حجم الكارثة التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، والذي وصل إلى عدم القدرة على توفير الأكفان التي يتم وضع الموتى بها لدفنهم في مقابر جماعية، نظرا لأن الجثث التي يتم العثور عليها عادة ما تكون عبارة أن أشلاء لا يمكن التعرف عليها.
إن تعمد الكيان الصهيوني وبمساندة الغرب عدم إيصال الغذاء والدواء والماء إلى الشعب الفلسطيني في غزة، والقيام بالتهجير القسري إلى جنوب القطاع، ومحاولة تهجيرهم إلى مصر والأردن، يعد وبحق خطيرا جدا على المنطقة وقد ينذر بحرب إقليمية وربما عالمية دائمة، قد تأتي على الأخضر واليابس، وقد تزيد من حجم المعاناة الإنسانية لمجتمع غزة الذي تعمد الكيان الصهيوني عزله، ووضعه في هذه الحالة الإنسانية التي توصف بأنها لا نظير لها منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية.
إن هناك المئات من سيارات الإغاثة المقدمة من الدول العربية والإسلامية بشكل عام ومن الكويت والدول الخليجية بشكل خاص تنتظر حول معبر رفح المصري، ولكن وللأسف لا يمارس المجتمع الدولي الضغوط الكافية لدخول هذه الشاحنات، فلم يدخل منذ بداية هذه الحرب سوى القليل منها والباقي ينتظر السماح له بالدخول، وهذه المساعدات التي تدخل للمجتمع الفلسطيني لا تكفي بطبيعة الحال مما يزيد من المعاناة الإنسانية لهذا الشعب، الذي يتعرض وبشكل يومي للظلم والعدوان من عدو صهيوني لا يوجد في قلبه مثقال ذرة من الرحمة، وتبقى الأمم المتحدة والدول المساندة لحق الفلسطينيين في الحياة عاجزة أمام هذا التحدي، وذلك بسبب ما يتلقاه الكيان الصهيوني من دعم في حربه غير المتوازنة التي تشنها على شعب أعزل فيما يشكل عقابا جماعيا لا مبرر له سوى الانتقام والدمار وامتهان الكرامة الإنسانية.