تقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 55 مليون شخص في العالم يعانون حاليا من الخرف، يعيش أكثر من 60% منهم في بلدان منخفضة أو متوسطة الدخل. والأدهى من ذلك والأمر، إصابة ما يقرب من 10 ملايين حالة جديدة كل عام! يصاب الإنسان بالخرف نتيجة مجموعة متنوعة من الأمراض التي تؤثر في الدماغ، فمرض الزهايمر هو أكثر أنواع الخرف شيوعا، ويعتبر السبب الرئيسي السابع للوفاة. والمصابون بالخرف يكلفون الاقتصادات على مستوى العالم في سنة واحدة قرابة 1.3 تريليون دولار. وليس بالضرورة أن يرتبط التقدم في السن بالخرف، وهو مصطلح للعديد من الأمراض التي تؤثر في الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء الأنشطة اليومية. ويزداد سوءا بمرور الوقت، ويستهدف بشكل رئيسي بعض كبار السن وليس جلهم. وهناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالخرف منها: العمر، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة السكر في الدم، زيادة الوزن أو السمنة، التدخين، شرب الكحوليات - والعياذ بالله - والخمول البدني، والعزلة الاجتماعية والاكتئاب.
وهناك عدد من الأمراض يمكن أن تتسبب في الامراض التي تتلف الخلايا العصبية وكذا الدماغ، وهذا يؤدي في العادة إلى تدهور القدرة على التفكير، اي الوظيفة الادراكية بشكل لا نتوقعه. لكن علينا أن ننتبه إلى الأضرار الناجمة عن الإصابة بالخرف، فهناك أضرار جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية، تمتد لتشمل أقارب المصابين والمجتمع كافة. وهناك قصور كبير في فهمنا لحياة وسلوك وإدراك المصابين بالخرف، وهذا يؤدي إلى اتساع الهوة أمام التشخيص والرعاية.
ومن علامات الخرف وأعراضه: نسيان الأشياء أو الأحداث الأخيرة، فقدان الأشياء أو وضعها في غير مكانها، التوهان عند المشي أو القيادة، الخلط، حتى في الأماكن المألوفة، عدم القدرة على تمييز الوقت، مواجهة صعوبات في حل المشكلات أو اتخاذ القرارات، مواجهة مشكلات في تتبع الحوار أو صعوبة في العثور على الكلمات، مواجهة صعوبات في أداء المهام الاعتيادية، عدم القدرة على تقدير المسافات بين الأشياء بصريا.
ومن الأمور الغريبة التي لا يعرفها الكثيرون وجود ما يسمى بالخرف الكاذب. والسؤال هنا كيف نميز بين الخرف الحقيقي والخرف الكاذب؟ ببساطة نستطيع أن نميز بين الاثنين بما يلي: الخرف الكاذب تكون بدايته مفاجئة أي يفاجئ المسن أهله وأسرته بأعراض الخرف، وبذلك يتعرف الأهل على بداية الإصابة بالخرف الكاذب (يعني متى بدأت عليه علامات فقدان الذاكرة) ومتى بدأ التغيير في سلوكه؟ أما المسن المصاب بالخرف الحقيقي فبدايته غير معروفة ولا ينتبه له أهله ألا بعد مرور فترة من الزمن تكون طويلة نسبيا. عادة يكون عند الشخص الذي يعاني من الخرف الكاذب إصابة سابقة بالاكتئاب وتصرفاته ما تتماشى مع تدهور شخصيته وعندما تسأله عن أي حدث تكون إجابته «ما أدري» أو «ما أتذكر» مع هدوء أعصاب، بينما المصاب بالخرف الحقيقي يحاول أن يتذكر وإذا لم يستطع التذكر يشعر بالإحباط ويعصب وربما يكون عدوانيا (المرجع: خرف الشيخوخة دكتور/ غسان جعفر ص 160).
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله (ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا - الحج: 5) فليستعد الجميع لهذه المرحلة، أطال الله بأعمار الجميع ورزقنا من العمل أحسنه.