بيروت - أحمد منصور
إرادة الحياة والصمود والتحدي ومواجهة الصعاب، هي صفات أبناء الجنوب، يكتسبونها وهم في أرحام أمهاتهم.
هذا هو حال الطفلة زهراء، التي أبصرت النور منذ أيام في مستشفى سبلين الحكومي، بعد أن هربت والدتها ريان حيدر نصار من مدينة صور، تحت نار غارات الطائرات الإسرائيلية، وما رافق ذلك من خوف وتعب ومشقة، وكانت في بداية الشهر الثامن من حملها، ولجأت إلى مدرسة سبلين الرسمية في إقليم الخروب.
وها هي اليوم تحمل طفلتها بين ذراعيها، لتعطيها الحنان والأمن والأمان، وسط أجواء الزينة التي طغى عليها اللون الزهري احتفاء بقدوم زهراء، لتضاف إلى باقة الزهور التي ينقص عددها في بلادنا جراء العدوان الإسرائيلي بحق الطفولة والنساء والشباب والشيوخ..
«الأنباء» زارت نصار في المدرسة، والتقت الأم التي روت تفاصيل مرحلة الشهر الأخير من حملها، حتى موعد الولادة والاحتضان.
وقالت نصار: «لقيت اهتماما ملفتا من إدارة المدرسة وخلية الأزمة وحتى من الجيران المحيطين بالمدرسة، الذين كانوا يدعونني للاستحمام عندهم بمياه ساخنة، قبل أن يتم تأمينها في المدرسة».
وأضافت: «وضعت طفلتي في مستشفى سبلين الحكومي بعملية قيصيرية، على نفقة وزارة الصحة وجمعية «كاريتاس». ولدى عودتي إلى المدرسة فوجئت بأن إدارة المدرسة قد خصصت لي ولطفلتي غرفة خاصة مجهزة بسرير لي وآخر للمولودة، وتم تزينها بطريقة مبهرة، كما لو كنت في منزلي، حيث أبت مديرة المدرسة راوية قوبر إلا أن تؤمن لي ولطفلتي أجواء مريحة وصحية، خصوصا وإنني قبل الولادة كنت في غرفة تضم أكثر من عائلة».
ورأت «أن هذا الاهتمام زاد من يقيني حجم الحب والطيبة وحسن الضيافة التي يتصف بها أبناء إقليم الخروب وتحديدا أهالي بلدة سبلين، حيث خففت هذه المعاملة الأخوية من مآسينا وجراحنا الكبيرة، وأشعرتني وكأنني في بيتي وبين أهلي في بلدي الأم».
ووجهت أسمى آيات الشكر والامتنان لإدارة المدرسة والهيئة التعليمية وخلية الأزمة على هذه الرعاية والاهتمام. وشكرت الاتحاد النسائي التقدمي، الذي قدم كل مستلزمات المولودة من حليب وحفاضات ورضاعات وملابس وبالونات للزينة وبيجامات وأغطية، وجمعيتا urda وcvc، على تقدمة الزينة وحاجيات أخرى، ولحركة «أمل» على تأمينها السرير».
مديرة المدرسة المربية راوية قوبر قالت لـ «الأنباء»: «الأم ريان نصار شقيقة لنا، وهي باتت سيدة من أبناء سبلين. وما قمنا به هو انطلاقا من دوافعنا الإنسانية والأخلاقية وقيمنا ووطنيتنا، والتي هي الأساس لهذا الاحتضان والرعاية».
وأشارت إلى «أننا حاولنا تأمين الأجواء المناسبة والملائمة للوالدة والمولودة، خصوصا في هذه الظروف الصعبة من كل النواحي».
ولفتت قوبر إلى «ان نصار خضعت لمتابعة طبية لها خلال فترة حملها الأخيرة في مركز الرعاية الصحية في جمعية الوعي والمواساة الخيرية، وتم تأمين كل مستلزمات الأم والطفلة من خلية الأزمة في المدرسة».
ونوهت قوبر «بتكاتف الأحزاب والجمعيات في خلية الأزمة، التي هبت لتقديم كل المستلزمات للأم ومولودتها». وأملت «أن تكون المولودة زهراء الشعلة والمنارة والأمل في انتهاء الحرب، والعودة إلى الدار الصامد والقرى الأبية في وجه العدوان الإسرائيلي، لأن حب الحياة والاستمرارية هو رمز الصمود ورفض للموت والتهجير».