بيروت - أحمد منصور
لحظات مؤثرة شهدها معهد الجوزو الفني في بلدة برجا، أثناء مغادرة النازحين الى قرارهم وبلداتهم، بعدما أمضوا فترة ضيافة المعهد تخطت الشهرين.
المشهد تكرر في كل مراكز الإيواء في قرى وبلدات إقليم الخروب، اثر احتضان العائلات من الجنوب والضاحية الجنوبية بكل ترحاب ومودة. وقد عبر المغادرون عن شعور بالامتنان، وشكروا لأبناء الإقليم وجمعياته وبلدياته والقوى السياسية فيه حسن الضيافة، واصفين الإقليم بـ «إقليم المحبة والتضامن والوحدة، والذراع المفتوحة والحضن الدافئ لأبناء الوطن».
فمنذ اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار، شرعت العائلات بالتحضير للعودة، فغادر العدد الأكبر منها متجها الى بلدته. ومن كانت بلدته مدمرة، فضل التوجه الى أقرب مكان في الجنوب، ليتسنى له العودة لاحقا الى دياره. بينما لا زال هناك قلة من العائلات من القرى الحدودية في مراكز الإيواء المعتمدة في المدارس الرسمية، وغير قادرة على العودة نظرا الى التحذيرات الإسرائيلية.
«الأنباء» جالت على عدد من المراكز، وكانت الوجهة الأولى معهد المفتي الجوزو الفني في بلدة برجا، والذي كان يستضيف 73 عائلة (282 شخصا) من النبطية وصور وبنت جبيل. هؤلاء غادروا الى بلداتهم تاركين وراءهم أثرا طيبا لدى أدارة المعهد ومديره م.فايز المعوش.
ووصف الأخير العلاقة مع النازحين خلال تلك الفترة بعلاقة الأخوة، وكانت الدموع سيدة الموقف عند المغادرة، عدا عن عبارات الشكر ودعوة القيمين على المعهد وأهالي برجا الى زيارتهم في الجنوب، فضلا عن طلب النازحين لقاء المفتي الجوزو، بعد تشكيل وفد من أجل شكره. إلا ان اللقاء تعذر لوجود المفتي خارج البلاد.
في ثانوية كمال جنبلاط التي احتضنت 100 عائلة (440 شخصا) تمت المغادرة فور الإعلان عن وقف إطلاق النار. وبقيت 3 عائلات من عيتا الشعب وتتحضر للمغادرة. ويعمل مدير الثانوية جمال عزام وأعضاء الهيئة التعليمية على التحضير لبدء العام الدراسي حضوريا اعتبارا من يوم الاثنين المقبل.
وفي مدرسة الديماس الرسمية، لازالت تقيم 3 عائلات من أصل 35 عائلة، من كفركلا وعيتا الشعب. وتعذرت عليها العودة بسبب قلة الإمكانيات بحسب حسين ابن بلدة كفركلا الذي نزح وعائلته، وهو غير قادر على العودة لأن منزله تهدم. وكان ينوي التوجه الى بلدة يحمر، ولكن تم تهديدها مؤخرا، ويجري اتصالاته لاستئجار منزل في الجنوب، شاكرا أهالي برجا على الاستضافة.
بقي في مدرسة برجا الرسمية للبنات، والتي كانت تستقبل 29 عائلة كما أشارت مديرتها آمال سعد، 4 عائلات مؤلفة من 14 شخصا من بلدات معركة ومجدل زون والشهابية. وعبرت ابنة الشهابية عائدة ركين عن تعذر عودتها وعائلتها الى البلدة بسبب تهدم المنزل من جهة، ولعدم توفر المياه والكهرباء، معتبرة انه لا حياة بسبب روائح فوسفور الصواريخ الإسرائيلية وتلك المنبعثة من تحلل جثث الشهداء تحت الركام. وقالت انها تنوي البقاء في برجا واستئجار منزل فيها، واصفة أهل برجا «بأنهم يكتبوا في التاريخ وهم أحلى عالم».
وفي مركز المطران مارون العمار في مرج برجا التابع لجمعية الشوف للتنمية، فقد أشارت مديرة المركز د.دعد القزي لـ «الأنباء»، الى ان المركز لازال يستقبل 4 عائلات من أصل 13، وهي تستعد للمغادرة في أقرب وقت. فيما أكد مدير مركز الإيواء في الجامعة الإسلامية في الوردانية حسين علوية أن الجامعة التي استضافت 1050 فردا، غادر معظمهم الى قراهم، ولم يبق سوى 510 أشخاص من قضاءي بنت جبيل والنبطية، بسبب تدمير منازلهم بالكامل.
المشهد ذاته كان في بلدة البرجين التي كانت استضافت 1400 نازح. وهناك عائلات تتحضر للمغادرة.
بينما غادرت جميع العائلات النازحة مدرسة عانوت الرسمية، والتي كانت تستقبل 61 عائلة من صور والنبطية وحاروف ودير قانون النهر ومروحين، تاركة خلفها عبارات شكر وتقدير لأهالي عانوت على محبتهم واحتضانهم.
وغادرت العائلات النازحة مركز الإيواء في مجمع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بلدة شحيم، وفي مدرسة مزبود الرسمية وثانوية كترمايا الرسمية ومركز النجدة الشعبية في برجا. فيما الاتجاه الى حصر العائلات المتبقية في مراكز الإيواء في مركز النجدة الشعبية، لتسهيل الدراسة في المدارسة والثانويات.
وفي المناسبة، صدر عن خلية الأزمة في بلدية برجا بيان، أكد «ان بلدة العطاء والصمود برجا، كانت بأهلها الأوفياء وقيمها الأصيلة، رمزا للوحدة الوطنية والتضامن الإنساني».
وشدد البيان على ان «برجا استقبلت برحابة صدر وكرم معهود، أكثر من 36 ألف ضيف عزيز (...) وستبقى عنوانا للإنسانية والإخاء والتضامن الوطني ونموذجا للوطنية والتضحية. ونحن على ثقة أن الأمل سيظل حيا في قلوبنا، وسنواجه التحديات ونبني الغد الأفضل لوطننا الحبيب لبنان».