أهلا بك قارئي الكريم في أول فكرة من أفكار هذه السلسلة، ولعل عنوان هذه الفكرة به شيء من الغرابة، والأغرب من ذلك أن عنوان موضوعنا اليوم تشير بعض الدراسات إلى أنه أصعب سؤال على بني البشر، ومن النادر جدا أن يستطيع أي إنسان في هذه البسيطة الإجابة عن هذا السؤال الإجابة الدقيقة وهو «من أنت؟».
فعندما كنت أطرح هذا السؤال في بعض دوراتي كنت أستمع لإجابات غير مكتملة، وسأستعرض لك صديقي الرائع بعض الإجابات التي كنت أسمعها، وهي:
٭ أنا إنسان عبارة عن مشاعر وأحاسيس وأفكار، ولدي رؤى وطموحات في هذه الحياة.
٭ كائن حي ميزه الله عن جميع المخلوقات بالعقل ليعمر هذا الكون.
٭ كائن عاقل وعاطفي لا يستطيع العيش بمفرده.
٭ والبعض يقول وبدعابة جميلة «أنا مواطن خليجي صالح».
وووو... الخ، وتأتي معظم الإجابات على هذا النسق الذي قرأته الآن أيها الإنسان، ولذلك ارتأيت أنه من الضروري أن يدرك الإنسان من هو بالضبط، لأنني على يقين مطلق بأنه لو كل شخص يقرأ هذه الأسطر أدرك من هو بالضبط لتغيرت حياته بالكامل التغير الإيجابي الفعال، ولا أدعي أنني أستطيع أن أجيب عن سؤال عنواننا هذا بمنتهى الدقة لأن هناك بعض الأسرار الموجودة في الإنسان لم يكشفها العلم حتى وقتنا الحاضر لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) فصلت: 53.
وما أعدك به عزيزي القارئ أنني سأسعى جاهدا بين ثنايا هذا الموضوع إلى أن أشبع رغبتك الملحة حول التعرف على ذلك لأن ذلك من أهم خطوات التغيير (تغيير الذات)، ومن ثم تنطلق لتغيير كل شيء سلبي حولك.
هل تعلم أيها القارئ الرائع أن أفضل تعريف أستطيع أن أصفك به، وأريد منك لطفا أن تتذكره دائما وتجعله نصب عينيك، هو أنك «معجزة»، نعم معجزة ربانية فريدة من نوعها، وهذه المعجزة أبهرت الإنسان نفسه، ولكيلا يكون حديثنا اليوم تنظيريا فقط لابد لي أن أجتهد كثيرا من أجلك عزيزي، وذلك بتجميع الأدلة العلمية التي تؤكد على كلامي هذا، وسأحاول أن أبدأ بالتدريج من الرأس:
٭ في رأس كل إنسان 300 ألف شعرة وفي كل شعرة بصلة ووريد وشريان وعضلة وعصبة وغدة دهنية وغدة صبغية.
٭ في شبكية العين 10 طبقات في آخرها 140 مليون مستقبل للضوء ما بين مخروط وعصية، ويخرج من العين إلى الدماغ عصب بصري يحتوي على 500 ألف ليف عصبي.
٭ الأذن يوجد بها ما يشبه شبكية العين ففيها 30 ألف خلية سمعية تنقل أدق الأصوات وفي الدماغ جهاز يقيس التفاضل الزمني لوصول الصوت إلى كل من الأذنين، وهذا التفاضل يقل عن جزء من 1600 جزء من الثانية وهو يكشف للإنسان جهة الصوت.
٭ سطح لسان الإنسان يوجد به 9 آلاف نتوء من أجل التذوق لمعرفة المذاق الحلو والمالح وو..الخ، وعند كل حرف ينطقه الإنسان يسهم في صنعه 17 عضلة، فتخيل معي عزيزي الرائع خطبة يلقيها الانسان لمدة ساعة كم عضلة ستسهم في ذلك؟ سبحان الله!
٭ يضخ القلب من الدم في العمر المتوسط للإنسان ما يملأ أكبر ناطحات السحاب في العالم.
٭ في دماغ الإنسان 14 مليار خلية قشرية، و100 مليار خلية استنادية لم تعرف وظيفتها لحد الآن، ومن العجيب هنا أيها القارئ المعجزة أن في دماغك أشياء معقدة لم يكتشفها الإنسان لحد الآن!
٭ في جدار المعدة مليار خلية تفرز من حمض كلور الماء ما يزيد على عدة لترات، وقد احتار العلماء لماذا لا تهضم المعدة نفسها، أليست هذه معجزة أيها المتفكر؟ أظنك تقول: بلى إنها كذلك.
٭ يوجد بالأمعاء 3600 زغابة معوية للامتصاص موزعة في كل سنتمتر مربع وهذه الزغابات تتجدد كليا كل 48 ساعة.
٭ تحت سطح الجلد 16 مليون مكيف لحرارة البدن وهي الغدد العرقية.
٭ في الكبد 300 مليار خلية يمكن أن تتجدد كليا كل أربعة أشهر ووظائف الكبد مدهشة بحيث لا يستطيع الإنسان ان يعيش دون كبد أكثر من 3 ساعات.
٭ الكليتان يوجد بهما مليونا وحدة تصفية طولها مجتمعة 100كم يمر بها الدم في اليوم الواحد 5 مرات.
وكأني أرى علامات الدهشة والاستغراب فوق رأس صديقي الكريم، لذلك سأكتفي بذلك وإذا أردت الاستزادة أنصحك بالرجوع إلى كتاب فضيلة الشيخ الرائع د.محمد راتب النابلسي في كتابه الأكثر من رائع «الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة»، فهو من أروع ما قرأت، وسأختم هذا الاستعراض المبهر لخلق الإنسان بهذه الآية الكريمة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) الذاريات: 21.
أعلم قارئي المبدع أنني لم اشبع رغبتك الجامحة في التعرف على ذاتك بعد، لذلك أعدك بأننا سنكمل هذه الرحلة في الأسبوع المقبل بإذن الله.
رأي: يضحكون لأنهم يرونني مختلفا، ولكنني أضحك لأنني أراهم متشابهين.
[email protected] - http://twitter.com/alrawahitalal