أهلا بك من جديد أيها القارئ الكريم ها أنا كما وعدتك في يوم الاثنين الماضي أعود لأكمل لك رحلة التعرف على ذاتك، وفي بداية رحلتنا هذه كأني أسمعك قارئي المتعطش للمعرفة تقول: مازلنا بحاجة للتعرف على ذواتنا بشكل أكبر، ولذلك لا بد لي أن أخبرك بأنك متفرد في هذا العالم فبداية خلقك كانت بحد ذاتها معجزة فيتكون الجنين من 23 كروموسوما من الأب مع 23 كروموسوما من الأم، وفي كل كروموسوم مئات الجينات التي لم ولن تتكرر، هل تعلم قارئي الرائع ان قزحية عينك لا يوجد لها شبيه في هذا العالم فهي شفرة خاصة لك لدرجة أن بعض الشركات الكبرى في العالم قامت بتصميم أقفال لا تفتح إلا بقزحية العين، وذلك لتحري أقصى درجات السرية والأمان، وليس ذلك فقط أيها المتفرد بل رائحة جلدك لا يوجد مثلها تماما فإذا كان لها مثيل فلا توجد أي فائدة من الكلاب البوليسية، وهل تعلم عزيزي انك تمتلك بلازما دم خاصة بك؟ والأغرب من ذلك بأن نبرة صوتك من الاستحالة أن توجد مثلها نبرة تطابقها تماما.
أظنني أثقلت عليك قارئي الرائع بكمية الحقائق العلمية المدهشة والأرقام المصاحبة لها لذلك سأختم بهذا الطلب، انظر إلى يدك عزيزي وإذا أردت أن تكون أكثر دقة انظر إلى بصمة يدك وقبل ان أكمل لك قل: «سبحان الله»، نعم سبحان الله الذي خلقك مميزا متفردا فبصمة يدك منذ أن خلق هذا الكون وإلى نهاية هذا العالم لن تتكرر فالبصمة تتكون من 100 علامة لو تشابهت فقط 7 علامات بين شخص وآخر لأصبحت بصمة شخص واحد، ولكن ذلك غير ممكن رغم المحاولات الجاهدة للكثير من المجرمين على مستوى العالم للتلاعب ببصماتهم والنتيجة كانت دائما الفشل.
والآن أيها المعجزة المتفردة التي لم يوجد لها مثيل فيما مضى من زمن ولن تتكرر في المقبل من الأيام ماذا ستقرر بعد الانتهاء من قراءة هذا الموضوع؟ هل ستقرر بأنك تصبح شخصا عاديا في هذه الحياة؟ أم تتماشى مع طريقة خلقك المتفردة والخارقة والمتميزة وتصبح مثلها تماما؟
طبعا لديك حرية الاختيار، ونظرا لخبرتي البسيطة بك من خلال سلسلتنا الماضية لنكن أعلى من السحاب أستطيع أن أتوقع اختيارك وهو بالطبع الاختيار الثاني التفرد والتميز هكذا أنت دائما قارئي الرائع. وسأختم موضوعنا اليوم باستشارة كثيرا ما أتلقاها وسأستعرضها كما وصلتني آخر مرة على صفحتي في الفيسبوك وهي: «أستاذ طلال أنا شخص ناجح ومبدع في أغلب مجالات حياتي، ومشكلتي الوحيدة أنني في بعض الأحيان أمر بلحظات يأس وإحباط، فما الحل؟ أرجو مساعدتي»، ونظرا لتكرار مثل هذه الاستشارة أردت أن أختم بها موضوعنا اليوم، فالتفسير من وجهة نظري البسيطة ان هذا الوضع طبيعي جدا لأي إنسان في هذه الحياة، فبعض الأنبياء والرسل مروا بحالة مشابهة لهذه الحالة لا أستطيع أن أصفها بالإحباط ولكنها تقريبا نفس هذه الحالة النفسية وسأذكر هنا بعض الأمثلة مثل: سيدنا نوح عليه السلام، قال تعالى: (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7)) سورة نوح: الآية 5 ـ 7. وسيدنا يوسف عليه السلام وهو في السجن ويطلب من السجين الذي تم الإفراج عنه أن يخبر الملك ويتوسط له للخروج من السجن قال تعالى: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، فأنساه الشيطان ذكر ربه، فلبث في السجن بضع سنين) سورة يوسف: الآية 42، وغيرها من قصص الأنبياء الرائعة، حتى قصص بعض الصالحين كثيرة التي تدل على أنهم مروا بلحظات يأس وإحباط وسأترك لك المجال عزيزي الرائع للاجتهاد كالعادة لبحث قصص تستفيد منها بعد تحليلها التحليل الأمثل، والآن سأعطيك الحل الذي أراه مناسبا لهذا الوضع وفق اجتهادي الشخصي هو:
1 ـ نتقرب أكثر من الله مؤمنين به حق الإيمان حتى في الظروف الصعبة واضعين هذه الآية نصب أعيننا (إن مع العسر يسرا) سورة الانشراح: الآية 6. ونلاحظ هنا أنه من لطف الله بنا أنه قال (مع العسر) وليس بعد العسر فلنتفكر بهذه الآية كثيرا في لحظات الإحباط.
2 ـ نستفيد من العادة السابعة للمؤلف ستيفن آر كوفي «اشحذ المنشار» أو «سن السكين» أي لا بد لك أيها المحبط في هذه اللحظات أن تقف مع نفسك وتنظر لإنجازاتك التي قمت بها سابقا، وتستعرضها أمام عينيك (مثل شهادة علمية عليا ـ شهادات شكر ومشاركة ـ تكريم ـ صور تحفزك وتشعرك بمتعة الإنجاز و.. والخ)، وبعد ذلك ستشعر بنوع من الراحة والرضا عن نفسك لأنك بدأت إعادة تقييم نفسك بالصورة الصحيحة، وستتخلص بإذن الله من حالة اليأس والإحباط التي تمر بها.
وأخيرا أتمنى أنني وفقت في اصطحابك معي في أعماق ذاتك لتتعرف على نفسك أكثر وتدرك إدراكا تاما بأنك خلقت لتكون مميزا ومتفردا وأظنك ستكون كذلك، وقبل أن أختم أسألك عزيزي هل قررت أن تصبح أكثر تميزا منذ الآن؟ فالجواب على ذلك السؤال لا أحد يمتلكه إلا «أنت ولا أحد سواك». وإلى أن ألقاك الأسبوع المقبل أتمنى لك تفردا لا يضاهيه تفرد في المقبل من أيام بإذن الله، ليكون عنوان موضوعنا الأسبوع المقبل (الحق والباطل والأصابع الأربعة).
فلسفة: قرأت في أحد كتب الفلسفة هذا الكلام الرائع فحواه «بأن الإنسان لا يعرف من هو أساسا لأنه يتعايش مع نفسه يوميا بأسلوب روتيني ليصل لدرجة لا يعرف حقيقة نفسه» وهنا تكون النصيحة المثالية التي أنصحها للمتدربين لدي وأنصحك بها عزيزي الرائع: اجلس مع نفسك في مكان هادئ وأفضل شخصيا قبل المغرب أو بعد صلاة الفجر، وتخيل انك تخرج من شخصيتك إلى شخصية أخرى وتنظر لشخصيتك من الأعلى، وأريدك فقط تركز على الأشياء الإيجابية كالمنجزات التي حققتها فيما مضى من أيام وتمعن منها في إيجابياتك لدرجة تشعرك بالنشوة، وبعدها تعود لشخصيتك وأنت أكثر إعجابا بها وبذلك تكون جددت طريقة التعرف على نفسك صديقي الكريم أنت ولا أحد سواك قادر على الاستفادة من هذه الفلسفة الجميلة.
[email protected] - http://twitter.com/alrawahitalal