سأبدأ رحلتنا اليوم قارئي الكريم بلحظات تكريم المعمر الياباني الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لأنه عاش 111 سنة، والمدهش في هذه اللحظات تلك الكلمات التي أطلقها ذلك المعمر أثناء تكريمه، وكانت كلماته كالتالي: «إنني أعتذر للبشرية بأنني عشت كل هذه السنين ولم أقدم لهم أي شيء يذكر»!
وقبل أن أعلق على القصة الماضية، وأخوض في تفاصيل موضوعنا اليوم سأخبرك عزيزي بقصة أخرى، وهذه المرة لشخصية يطلق عليها «السيد عادي» الذي ولد عام 1945 لأم وأب عاديين، واللافت هنا انه كان يعيش في بيت عادي، وعندما كبر دخل مدرسة عادية وتلقى العلم على يد معلمين عاديين، وبطرائق تدريس ومناهج طبعا عادية، ولذلك عندما تخرج في الثانوية كانت درجاته عادية، ولم يدخل أي جامعة بل عمل في عمل عادي، واللافت للانتباه هنا عزيزي القارئ انه عندما تزوج سبحان الله تزوج من امرأة (............).
وكأنني أراك مبتسما عزيزي وتكمل الفراغ وتقول طبعا امرأة عادية، وأنا استغرب كيف عرفت ذلك! وتقول لي: لأنه السيد عادي، والمهم دعني أكمل لك هذه القصة بأنه أنجب أولادا عاديين، وعاش حياة عادية وفي يوم من الأيام وهو خارج بسيارته العادية حدث له حادث فأصيب بجروح بالغة ونقل لمستشفى عادي ولأن الطبيب الذي كان يعالجه عاديا لم يستطع إنقاذ حياته فمات وخرج الطبيب لأصدقائه وأخبرهم بالخبر فقالوا: عادي، وحزن عليه الناس حزنا عاديا، والمدهش حقا هنا أنه كتب على قبره: هذا قبر السيد عادي الذي ولد عام 1945 ومات عام 1945، أتدري لماذا كتب ذلك على قبره عزيزي المتفكر؟!
والآن قارئي الرائع، بعد تلك المقدمة المفعمة بالقصص التي لها صلة قوية برحلتنا هذه، لذلك أظنك عرفت أنني اليوم سأحدثك عن «الإنجاز»، لأنني لا أرتضي لك بأن تكون مثل بطلي القصتين الماضيتين (المعمر الياباني ـ السيد عادي) بل أريد أن تكون لك بصمة واضحة في تاريخ البشرية مستفيدا من القدوة الأولى في حياة كل مسلم حبيبي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يشهد له الغرب قبل الشرق والكافر قبل المسلم بأنه لم تكن حياته عادية بل أدى الدور الذي خلق من أجله، والآن أريدك أيضا أن تتفكر معي في شخصية الشاعر التونسي الرائع أبو القاسم الشابي الذي عاش فقط 25 سنة، والجميل أنه حتى يومنا هذا الكل بل الأغلب يردد شعره الذي يقول:
إذا الشعــب يومــــا أراد الحيـــاة
فلابــد أن يستجيـــب القــدر
ولابــد لليــل ان ينجلـــي
ولابـــد للقيــــد أن ينكســر
وأطلب منك عزيزي التمعن في هذا البيت منتهى التمعن:
ومن لا يحب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
نعم من لا يحب صعود الجبال، أي تكون له إنجازات واضحة في هذه الحياة فهو زائد في هذه الحياة، وتمعن أيضا في شخصيات ودعت هذا العالم بأجسادها فقط واسمها ما زال يتردد بين البشرية مثل الخوارزمي، وآنشتاين وأديسون وووو..الخ وهذا ما أتمناه لك عزيزي الرائع الجميع يتحدث عن إنجازاتك ويشار لك بالبنان لأنك خدمت البشرية بشيء مفيد.
في الختام أطلب منك أن تفكر جديا منذ الآن ما هو إنجازك القادم، بالطبع لكي لا تعتذر للبشرية ولا أحد يستطيع أن يحدد ذلك إلا «أنت... ولا أحد سواك».
[email protected] - http://twitter.com/alrawahitalal