قارئي الكريم لطفا تمعن في الفقرة الآتية، وبعدها سأرحب بك كما تحب طبعا: إن أفضل طُعم للسمك يمكن استخدامه هو الطُعم الموجود في البيئة التي يتم الصيد بها، فمثلا إذا كان هذا المكان يعيش فيه الجندوفلي (shel fish) فإنه بذلك يكون الطعم المفضل، وإذا كان هذا المكان يحتوي على ديدان الصخور أو ديدان الرمل فتكون هي الأفضل وهكذا، ومن أفضل الطعوم المستخدمة أيضا السردين والرخويات هذا بالنسبة لبعض الأسماك، أما البعض الآخر فيتم صيده بأنواع مختلفة من الطعوم كالأنواع المصنعة مثل (الحبار ـ السردين ـ أمعاء الدجاج ـ حويصلات الدجاج ـ عيون السردين ـ الخبز المستعمل في السندويتشات بعد فعصه لتكوين دوائر صغيرة)، ومن أسوأ الأنواع المجربة (الذرة لأنها تتفكك في الماء بسرعة ـ الأخطبوط لأن كثيرا من الأسماك لا تأكله)، وتعد الدودة الكبيرة هي أفضل طعم مناسب للأسماك من دون منازع وتسمى بالدارجة. أهلا بك عزيزي القارئ أظنك مستغربا من بداية رحلتنا اليوم، ولكي أجعل هذه الدهشة تزداد لديك لابد لي أن أخبرك ببعض الأمور التي أستخلصها لك من الفقرة السابقة، وهي: كل طعم يضعه الصياد ليصطاد به السمك الذي يحبه، يكون الصياد نفسه لا يحب هذا الطعم فلم أسمع في حياتي عن صياد يأكل الدود الكبير أو أمعاء الدجاج أو.. أو... إذن لماذا يضع ما يحبه السمك ولا يحبه هو؟
استطاع الإنسان بذكائه أن يحدد الطعم المناسب لأغلب أنواع الأسماك الموجودة، والغريب أن الإنسان نفسه وبنفس ذلك الذكاء لم يستطع في معظم الأحيان أن يختار الطعم المناسب للإنسان الذي يتعامل معه لذلك سيكون حديثنا اليوم أيها الرائع عن «فن التعامل والحديث» وكيفية اختيار كلماتنا وتعاملاتنا مع أي شخص نقابله لتكون هي الطعم المناسب لاصطياد قلبه وعقله، وسأبذل قصارى جهدي لتكون كلماتي اليوم هي الطعم المناسب لاصطياد تركيزك وفطنتك للاستفادة القصوى مما سأكتب اليوم، لذلك سأبدأ معك أيها المبدع بهذه القصة التي تتحدث عن أحد الملوك وإليك تفاصيلها «ملك يحلم حلما مخيفا جدا وهو بأن كل أسنانه تتساقط، ويصحو هذا الملك من نومه وهو في قمة الخوف والتشاؤم، ويطلب من مستشاره أن يجلب له مفسر الأحلام ليفسر له هذا الحلم، وها هو المفسر يقول للملك: يا مولاي تفسير هذا الحلم بأن كل أبنائك سيموتون قبلك فإذا بالملك يغضب كثيرا على هذا المفسر، ويقول له أنت لست بمفسر أحلام بل أنت نذير شؤم فأمر بجلده، وقال للمستشار: اجلب لي مفسرا آخر يكون أكثر مهارة من هذا المفسر الذي لا يعي شيئا، وبالفعل يأتي المفسر الثاني الذي كان أكثر مهارة ليس في تفسير الأحلام وحسب بل في امتلاك الطعم المناسب الذي يتناسب مع الحالة النفسية التي كانت تلازم الملك آنذاك، فقال للملك: يا مولاي تفسير هذا الحلم بأن عمرك ولله الحمد أطول من عمر كل أبنائك! فها هي أسارير الفرح والبهجة تظهر على محيا الملك، ويقول نعم المفسر أنت أعطوه الهدايا وأكرموه!
وهنا لابد لنا أن نعلق على تلك القصة، فأظنك لاحظت أيها القارئ البارع أن التفسيرين يحملان نفس المعنى، وصاحب التفسير الأول استحق جلدا وصاحب التفسير الثاني الذي امتلك عنوان موضوعنا استحق الهدايا وأستطيع أن أجزم بأن اي شخص يمتلك عنواننا هذا سيتهافت الآخرون على أي مكان يتواجد فيه، ولا أحد يستطيع تحويل تلك الأفكار إلى واقع إلا «أنت.. ولا أحد سواك» وأملي بك كالعادة كبير جدا ليكون عنوان لقائنا في الأسبوع المقبل «الخداع الجميل» وإلى ذلك الحين أرجو لك كلمات وتعامل يبهر كل من هم حولك.
[email protected] - http://twitter.com/alrawahitalal