قارئي الكريم سأعرفك في هذه الرحلة على رفيقي الذي لازمني وأبهرني بحكمته ومعلوماته، وذلك ليس من فراغ، بل لما يحتويه من لآلئ معرفية ثمينة ونادرة جعلتني أقف لحظات كثيرة مع نفسي، وللتشويق سأخبرك عن صديقي هذا في نهاية رحلتنا، ولذلك أستأذنك بعنوان موضوعنا اليوم وأقول لك «لحظة من فضلك» سأستعرض لك أيها الفطن عدة محطات تأملية تستند أغلبها الى هذه الآية (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) «سورة فصلت الآية 53»، وأطلب منك أن تقف لحظة تأمل من فضلك عند كل محطة وأولى محطاتنا هي: الكون.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أمرني ربي أن يكون صمتي فكرا، ونطقي ذكرا، ونظري عبرة»، ومن منطلق هذا الحديث سنتأمل أولا في هذا الكون لنتدبر بعمق نصل به إلى أعماق الراحة النفسية بأننا نعتنق هذا الدين الحنيف، هل تعلم قارئي المتدبر أن حجم الأرض يساوي مليون مليون كيلومتر مكعب، وأن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة، وأن المسافة بينهما مائة وستة وخمسون مليون كيلومتر، وأن نجما من النجوم في برج العقرب يتسع للأرض والشمس والمسافة بينهما، وأن نجما اسمه منكب الجوزاء يزيد حجمه على حجم الشمس بمائة مليون مرة، لقد صدق الله العظيم إذ يقول (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) «سورة الذاريات، آية 47».
«اللحظة الأولى»
عزيزي القارئ هذه المعلومات أبهرتني وجعلتني أقف لحظة مع نفسي وأتفكر، وإليك هذه الهدية التي توصلت لها بعد تفكيري وتأملي، هي إذا كان حجم الأرض بهذا المستوى الصغير جدا مقارنة بحجم أكبر الكواكب، فلتسأل نفسك هذا السؤال: كم حجمك في هذه الأرض؟ اسأل نفسك مرة أخرى.. لأي درجة يبلغ حجمك؟ كم هي كبيرة تلك الأشياء التي تزعجك كل يوم؟ كم حجم مشاكلك ومنغصاتك اليومية؟ صدقني صديقي الكريم إذا تفكرت بعقلك بهذا المنطق ستجدها لا تساوي شيئا يستحق أن يجعلك تهدر ثانية من حياتك تتألم فيها، خصوصا إذا عرفت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «واعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك» فلتعش كل لحظة وأنت مبتسم.
الخسوف والكسوف
الخسوف: هو اختفاء القمر أو بعضه أثناء مرور الأرض بينه وبين الشمس. أما الكسوف فهو اختفاء الشمس أو بعضها أثناء مرور القمر بينها وبين الأرض، وإن الكسوف والخسوف إشارتان إلى نعمتي الشمس والقمر، فهما آيتان دالتان على عظمة الله ورحمته.
«اللحظة الثانية»
تمعنت فيما سبق ذكره بعمق محاولا ربطه بحياة الإنسان، فإليك ما توصلت له أيها المبدع، من جهتين الأولى: بأن الإنسان الناجح والمبدع الساطع دائما بأفكاره كسطوع الشمس ونور القمر في بعض الأحيان يصادف أشخاصا متسلقين يحاولون سرقة أفكاره، وحجبه عن الظهور للآخرين، خصوصا إذا كانوا هم المسؤولين عنه، فتجد هذا الشخص يعاني كثيرا ويختفي صيته بعض الأحيان، فلابد لي هنا أن أطمئنه وأقول له: هذا الحال لن يدوم طويلا فالشمس والقمر يجريان في مسارات ولا توجد هناك حالات خسوف أو كسوف دائمة فهي مؤقتة، وكذلك ما تعاني منه أنت فهو من المؤكد وضع مؤقت فثابر واجتهد أكثر لينقشع عنك ذلك الغمام وتسطع من جديد، ومن جهة ثانية فهناك بعض الشخصيات تكره الظهور، وتحب الانطواء كثيرا فهؤلاء عكس الطبيعة لأنهم بذلك جعلوا الخسوف والكسوف دائمين، وهذا يعود لعيب في شخصياتهم وليس للطبيعة الإنسانية وهذه الهمسة أهديها بصوت منخفض في أذن الصنف الأول وقد تتعرض لتلك المشكلات والضغوطات التي تحجبك ربما عن ممارسة حياتك المتفردة، وهنا أريدك أن تتذكر أنها ككسوف الشمس وخسوف القمر الذي إن حدث وكان كليا وعم الظلام أرجاء الأرض إلا أنه لن يستمر طويلا، فحتماً سيزول وتنقشع الظلمة ويظهر النور من جديد وترجع أنت كالأرض تدور في مدارك الخاص، وتستمر حياتك أفضل مما كانت عليه سابقا بإذن الله.
وسأكمل لك عزيزي القارئ باقي اللحظات في الأسابيع المقبلة.
[email protected] - http://twitter.com/alrawahitalal