ها أنا أعود يا صديقي المتفكر مثلما وعدتك في الأسبوع الماضي لنتوقف عند لحظات تفكرية جديدة، والأهم من ذلك أعرفك على صديقي الذي حدثتك عنه في الرحلة الماضية:
الطيور: هل تعلم عزيزي القارئ انه ما من طائرة صنعها الإنسان، ترتقي إلى مستوى الطير، أو تقترب ولو قليلا من الصفات والميزات التي تتمتع بها الطيور، وسأسرد لك هنا بعض الحقائق العلمية التي أذهلتني شخصيا عن هذا المخلوق المعجزة، يذكر العلماء أن هناك 9 آلاف طير موزعة على أنحاء العالم بمختلف الأشكال والأحجام والألوان، وهذه الطيور تتمتع بوزن خفيف، يعينها على الطيران، وأكياس هوائية منتشرة في كل أماكن الجسم، تخفف وزنه وتبرد عضلاته الحارة، بسبب شدة الخفقان، وجعل الله عظام الطيور مجوفة، وريشه خفيف ليطير بمنتهى السهولة واليسر، تزيد قوة بصر الطيور 8 أضعاف عن بصر الإنسان.
وأول وكالة أنباء في العالم ومازالت تحيرني وتحيرك بل وتحير العالم بأكمله كانت من الطيور وهي الحمام الزاجل التي استخدمها لأول مرة الأمير نور الدين الشهيد عندما كان أميرا على بلاد الشام ومصر، فهذا الطير يستطيع أن يقطع مسافة ألف كيلومتر دون توقف، يقطعها بسرعة كيلومتر في الدقيقة، وفي الساعة يقطع 60 كيلومترا بدقة متناهية عجز العلماء عن تفسيرها، والآن أنقلك عزيزي الرائع إلى الجزء الأهم من حياة الطيور وهو هجرتها، هذه الهجرة التي أذهلت الجميع في طريقتها وتوقيتها الدقيق قال تعالى (ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ـ النحل: 76) فتهاجر عشرات آلاف الملايين من الطيور كل عام من نصف الكرة الشمالي إلى النصف الجنوبي، وأطول رحلة قامت بها مجموعة من الطيور كانت بمسافة 22 ألف كيلومتر من المتجمد الشمالي إلى جنوب افريقيا، والغريب أن الطيور وكأن في رأسها ساعة، لأنها تهاجر في الوقت نفسه كل عام، بل الأغرب من ذلك انها دقيقة جدا في تحديد الاتجاهات لدرجة لا يستطيع أي إنسان مهما بلغت خبرته بالطيران أن يصل لربع هذه الدقة وما أردت أن أتوقف عنده في هجرة الطيور أنها لا تهاجر فرادى بل مجموعات دائما تكون على شكل 7 فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة لماذا شكل 7؟!
اللحظة الخامسة: قبل أن نبدأ لحظتنا التفكرية الخامسة أطلب منك لطفا عزيزي القارئ أن تقول «سبحان الله» لأن العلماء استفادوا من الشكل 7 في هجرة الطيور باختراع الطائرات والصواريخ بنفس الشكل عندما تأكدوا من أن هذا الشكل يقوم باختراق الكتل الهوائية بوجود مقدمة مدببة، لأنه إذا خرج أي طير من الشكل 7 ستواجهه تيارات قوية تجعله يعود مضطرا إلى الشكل 7، والأكثر من ذلك أن العلماء اكتشفوا أن بهذا الشكل يكون بكل رفعة يقوم بها الطير توفر نصف المسافة للطائر الذي يليه وبذلك يختصرون المسافات، سبحان الله من علم الطيور العمل الجماعي، والآن أنت أيها القارئ الذي كرمك الله عن سائر المخلوقات ومن ضمنها الطيور ألا يجب عليك أن تعمل بروح فريق مع زملائك في العمل مستفيدا من هجرة الطيور؟ سأترك الجواب لك لأن ثقتي بك كبيرة جدا.
وفي ختام هذه الرحلة الطويلة القصيرة، لابد أن أفصح لك أولا عن الهدف منها، وهو التأكيد على ضرورة التأمل والتدبر في مخلوقات الله بل وتخصيص وقت منظم لذلك لأنه مفيد جدا لترويض النفس البشرية وتعليمها الأفضل، من خلال استشعار عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه وعلى خبرته وذلك بالتفكر في مخلوقاته (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ـ الملك: 14) وثانيا لابد لي أن أوف بوعدي وذلك بالتعرف على صديقي الحبيب الذي رافقني في هذه الرحلة وهو الكتاب الرائع «الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة» للأستاذ الدكتور الذي أحترمه كثيرا وأدعو له ما حييت محمد راتب النابلسي حفظه الله، ولذلك أوجه دعوة حارة جدا لكل قرائي لأن يقتنوا هذا الكتاب لما فيه من فائدة جمة استشعرتها بنفسي، ولا أحد يستطيع أن يقرر ذلك إلا «أنت.. ولا أحد سواك».
[email protected]
http://twitter.com/alrawahitalal