بقلم طلال الرواحي
قارئي الرائع سأستكمل معك موضوعنا كما وعدتك الأسبوع الماضي.. وها هو احد أصدقائي يتصل ليستشيرني ما هو الحل في الحالة الغريبة التي أعاني منها وهي أني لا أشعر بالسعادة فيقول: سابقا كنت أسعد عندما اشتري سيارة أو جهاز هاتف جديد أو.. أو.. والآن حتى عندما أقوم بتلك الأشياء لا أسعد أبدا، فقلت له أنت وقعت في فخ يقع فيه الكثيرون وهو فخ الربط الذي تحدثنا عنه في بداية المقال وهو ربط السعادة بشي ملموس، فسألني ما هو الحل إذن؟ فقلت له فكر في الأشياء التي تمتلكها أنت ولا يمتلكها غيرك واشكر ربك عليها لتشعر بنوع من الامتنان لهذا الخالق البديع، وقوّ صلتك بربك وحاول أن تقوم بزيارة للمستشفيات وتتأمل كيف يعاني بعض الأشخاص المرضى بها في حين أنت تنعم بالصحة الكافية. وآخر نصيحة أوجهها لك أن تبحث عن السعادة بداخلك وترسمها لنفسك فلن يعطيك إياها احد لأن السعادة شأن وقرار داخلي أنت الوحيد المسئول عنه، ولابد لك أن تكون مثل ذلك الداعية الصالح الذي أراد احد الملوك معاقبته فسجنه فقام بحلقات دروس دينية بالسجن فبدأ يخرج مساجين فقهاء حتى عندما يصل موعد الإفراج عنهم يرفضون الخروج لأنهم وجدوا الفائدة بداخله فعلم الملك بذلك فاستدعاه وقال له: ماذا أفعل بك لكي أعاقبك؟ فقال له: إذا سجنتني سأصبح معلما وإذا نفيتني سأعتبرها سياحة وإذا قتلتني سأعتبرها شهادة وفي كل الأحوال سأكون سعيدا لأن جنتي في صدري فما كان من الملك إلا أن أطلق سراحه.
ما أروعه من مثال ومن رد وخصوصا آخر الكلام (جنتي في صدري) لذلك لم لا تكون جنتك في صدرك صديقي قارئي الرائع، وتنعم باللحظات التي كانت مفقودة وتستمتع بكل لحظة تعيش بها على سطح هذه الأرض، ولا تتبع السعادة بل اجعل السعادة تتبعك حالك كحال ذلك القط الذي تصور بأن السعادة تكمن في ذيله فأراد أن يأكله فكلما حاول أن يأكل ذيله الذيل يبتعد ولك أن تتخيل ذلك المشهد لتقرب الصورة إلى ذهنك وبعد عدة محاولات أحس باليأس فقرر أن يبحث عن السعادة في شيء آخر وعندما بدأ المشي إذا به يلاحظ أن السعادة تتبعه أينما ذهب (ذيله).
اعلم أن المثال السابق مثال رمزي غير حقيقي ولكن صدقني عزيزي هو قريب جدا من الواقع اجعل السعادة تتبعك واستمتع بكل لحظة تعيشها وأنت تنعم بالكثير من النعم التي وهبك الله إياها وتأكد أنك ستشعر بالسعادة، فقط ابتسم دائما واهمس بـ «الحمد لله» ولا تنتظر السعادة حتى تبتسم ولكن ابتسم حتى تكون سعيدا، وستكون عزيزي ممن يستمتعون باللحظات المفقودة لنسميها بعد ذلك باللحظات السعيدة، متمنيا لك الاستمتاع بكل لحظة بحياتك.
تجربة عزيزي القاري سأطلب منك طلبا بسيطا وهو أن تنقطع عن التنفس لمدة خمس دقائق
ما الذي حدث لك؟
لم لم تستطيع أن تكمل الخمس دقائق؟ أرأيت عزيزي أنك تنعم بهذه النعمة وتتنفس كل ثانية ودون أن تسعد بهذه النعمة أما آن الأوان أن تكون لحظاتك المفقودة هي اللحظات السعيدة وأبسط الأسباب التي تشعرك بالسعادة هي نعمة التنفس
حكم: الشخص السعيد هو الذي يحمل طقسه معه، فعنده سيان أكان الطقس ممطرا أم مشمسا.
(يقول فولتير: نحن لا نعيش أبدا نحن على أمل أن نعيش).
- http://twitter.com/alrawahitalal
[email protected]