بقلم: طارق محمد الفريح
أكثر ما يصيبني بالغثيان، تلك النظرة الخليجية والعربية للوضع في سورية، مشاهد فنتازية يومية من الدعاء حد البكاء والدعم المادي والمعنوي الغريب، تساءلت مرارا لم كل هذا الحشد لسورية فقط؟، لم تم تجاهل الثورة المصرية والتونسية والليبية؟ لم فلسطين المغتصبة كما نقولها بالعامية «ساحبين عليها»؟، وأخيرا استطعت أن أصل إلى جواب واحد ولا غيره، الطائفية، فالنظرة الخليجية والعربية للأزمة السورية طائفية بحتة قبل أن تكون إنسانية مصطنعة، فهم يستنشقون غبار التاريخ والفتنة التي دبت بين المسلمين، ويشعرون بعودة روح الصراع بين الطائفتين من جديد.
وحقيقة أنا لست مع طرف ضد آخر، بل مع الإنسان السوري البسيط الذي بحث عمن ينصره بعد الله على الطغيان، فالمسألة برمتها تعود لمشكلة ذهنية ونفسية يعاني منها الطرفان، وهي الإسقاط المستمر للتاريخ على واقعنا المعاصر، التاريخ الذي ولى بأناسه، بينما العالم الغربي صنع منه حضارته المعاصرة التي أوصلته إلى الفضاء ووقفنا منها موقف الزبون المنبهر، وليس الزبون الـ vip بل أردى أنواع الزبائن الذي يحصل فقط على الفتات المتبقي، لا ننصر الإنسان لإنسانيته بل لعقيدته وعرقه، وسنرى خلال الشهور والسنوات المقبلة جثثا ودماء تنتشر في اغلب بقاع الوطن العربي، فنحن لم نتعلم بعد من دروس التاريخ، لم تنهض أوروبا إلا بعد أن آمنت بالإنسان وعقله وكفاءته وإبداعه وكفرت بعرقه وطائفته، بينما نحن نعتمد عكس ذلك، لقد زرع بعض سابقينا بذرة الجهل حتى صارت نبتة، وعندما حان دورنا في الحياة وجدناها شجرة ضخمة تعيق طريقنا، شخصيا استطعت أن أكسر غصنها الذي يخصني واجتزتها لأرى جمال العالم، لكن الكثير مازالوا ماكثين في أماكنهم مستسلمين بلا حراك، حتى أصابهم هوس الإقصاء للسيطرة وبدأوا في قتال بعضهم، وفي الختام لا أملك سوى الدعاء للإنسان بأن ينصره الله، وللأمة العربية بالهداية، وللمتطرفين بالانتهاء.
[email protected]
[email protected]