في كل صناعة في عالم الاقتصاد او تجارة كانت او بزنس له ابوابه الخلفية واسراره العميقة، العارفون بها قلائل والملمون بتلابيب اللعبة فيها هم نخبة كل قطاع او بمعنى ادق اصحاب السيطرة على «سر المهنة» الأكثر دراية وخبرة وهو ما يطلق عليه السوق السوداء لانه في الغالب يكون سوقا خفيا بعيدا عن العلن، فيه المفاوضات تدار بأساليب اخرى.
تجد عزيزي القارئ ان هناك من يحترم هذا السر ويتعاطى معه في اطار من المهنية والشفافية والعدالة والمنافسة الشريفة، في المقابل هناك الكثير من ضعاف النفوس الذين يلوثون اسم السوق السوداء الذي ان صح التعبير او توصيفه هو في الأساس يطلق على البضاعة او السلعة النادرة التي يشح وجودها في المواسم والمناسبات فيتم البحث عنها بأعلى الأسعار، هذه الأسعار عندما تخرج عن اطار المنطق والعقل والثقة المتبادلة فاعلم وتيقن جيدا انك في قلب السوق السوداء ليس السوداء فقط بل شديدة السواد الملوث القاتم لونه لأن من اوجد هذه الحالة تجرد من ابسط الأبجديات والأخلاقيات المهنية.
وتعتبر السياحة بشتى انواعها هي واحدة من اهم وابرز الأنشطة التجارية والاستثمارية عالية الربحية وهي بالمناسبة فرضت نفسها واصبحت الآن صناعة رئيسية على مستوى العالم وقد اصبحت اليوم من اهم القطاعات في التجارة الدولية وتعتبر السياحة من منظور اقتصادي قطاعا انتاجيا يلعب دورا مهما في زيادة الدخل القومي ومصدرا رئيسيا من مصادر الدخل للعملات الصعبة لمعظم دول العالم.
ولما كانت السياحة صناعية راقية لابد ان ترتقي ومن فيها عن مستوى الشبهات فقد ظهرا جليا على الساحة خلال موسم عيد الأضحى المبارك والمواسم المشابهة ظاهرة ليست بجديدة ولكنها متجددة وهي استغلال بعض شركات الطيران وشركات السياحة مخبأة المسافرين والسائحين، حيث استغلت شركات الطيران وشركات السياحة والفنادق طول فترة اجازة عيد الاضحى المبارك في رفع سعر التذاكر الى اكثر من خمسة اضعاف بشكل يفسد جو الرحلة وكأن هذه المناسبة هي الختام.
بحكم خبرتي الطويلة في المجال السياحي وبعد وقبل انتهاء اي موسم سياحي أتلقى كثيرا من اللوم والعتاب من كثير من العملاء عن الارتفاع غير المقبول في أسعار التذاكر والفنادق، وفي الحقيقة فاننا نلقي اللوم دائما على شركات الطيران، حيث انها العامل الأساسي واللاعب الرئيسي في تلك الأزمات.
الجزء الآخر من اللوم يتحمله بلا منافس المسافر ذاته فالمسافر العربي مصاب بداء أزلي وملازم له وهو سوء التخطيط المبكر لرحلاته وإنما يأتي دائما في الوقت الضائع والأخير قبل السفر ببضعة أيام مما يجعله عرضة لأهواء وتحكمات شركات الطيران وتحمله نفقات مضاعفة لرحلته.
الظاهرة الغريبة التي لفتت نظر الكثير من خبراء قطاع السياحة والسفر في الكويت هذا العام هي ظاهرة تفوق السوق السوداء بل الأكثر سوادا وهي كما يقال «تسقيع التذاكر» وهذه الظاهرة الجديدة علينا أن تتفق بعض شركات السياحة مع شركات الطيران في حجز ما يسمى بالمجموعات قبل بداية مواسم الذروة بوقت طويل بأسعار قليلة وعدم طرح هذه الاماكن إلا بعد نفاد المعروض من الشركات المنافسة وتقوم هذه الشركات بطرح هذه المجموعات لجمهور المسافرين بأسعار عالية مستغلة بذلك مخبأة المسافرين المضطرين للسفر.
أدى ذلك الى عدم وضوح الصورة الكاملة لنظرية العرض والطلب لمعظم شركات الطيران مما كانت له آثاره السلبية على قطاع السياحة والطيران الذي بات محفوفا بكثير من المخاطر على الشركات وعلى المسافر فالمنافسة اصبحت بين الكل منافسة غير شريفة لا تعتمد إلا على كيف يتم تحقيق أعلى الايرادات وأعلى نسبة ربح بغض النظر عن الوسيلة ايا كانت، فالقضية كبيرة جدا فلا رقابة ولا حساب وكما قيل من امن العقوبة اساء «التصرف».
قضية اخرى تستحق من الجهات الرقابية رصدها وتوثيقها والتحرك لمكافحتها وهي ظاهرة الدخلاء على حجز التذاكر والعمل في قطاع السياحة تحت ستار السياحة العلاجية والمصحات الطبية فانتشرت ظاهرة دكاكين تعمل في حجز التذاكر بلا تراخيص تسمح لها بإصدار تذاكر السفر، تحت عباءة مصحات وخدمة منتجعات وشتان بين هذا وذاك.
اما الظاهرة الأخرى فهي انتشار الوسيط او «البروكر» الذي يتحكم في شريحة واسعة من الجهات التي تتميز بكثافة عمالية عالية ويقوم باحتكار حجوزاتها مضيفا اليها التكلفة والرسوم ما أنزل الله بها من سلطان.
أفيقوا يرحمكم الله ايها المسافرون لأنفسكم، خططوا جيدا، حددوا اهدافكم مبكرا.
ولكن نحن ومن واجبنا الاعلامي ومن خلال صفحتنا المتخصصة في الشأن السياحي لن نترك هذه القضايا تؤثر بالسلب على شركات الطيران وعلى شركات السياحة وسمعتها وعلى المسافر أيضا كونه العامل الرئيسي في حركة السياحة ولن نتهاون في نشر الحقائق كاملة عن هذا الملف المظلم سنبحث وننقب عن الاسباب وسنطرح الحلول التي تعيد قطاع الطيران والسياحة الى سابق عهده.
[email protected]
@kkabsha