المتابع للصحف اليومية ومختلف وسائل الإعلام المحلية خلال الأيام الماضية، يلاحظ ارتفاع نسبة التصريحات واللقاءات والأخبار للمسؤولين في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية، فكل يوم وآخر نجد مانشيتات عن الميزانية وأبوابها ومجالات صرفها وسبل ترشيدها، ومن هذه المناشيتات ما هو منسوب الى وزير المالية، ومنها ما هو منسوب الى مصادر معنية رفيعة المستوى سواء في وزارة المالية أو مجلس الوزراء.
وفي «الصحة» نجد أنفسنا كل يوم وآخر امام قضية جديدة تشغل الرأي العام وتثير حفيظة قيادات الصحة للتصريح حولها ما بين أخطاء طبية، وقضايا مالية، ومكاتب صحية خارجية وتعيينات ونقل وغيرها من الأمور.
اما في وزارة التربية فحدث ولا حرج، فكل يوم مشكلة جديدة، شهادات مزورة، وأزمة تكييف وقرارات تعسفية ضد الهيئات التعليمية وعجز في الأثاث والمعلمين ومشكلات عديدة فنية وادارية لا تنتهي، وأيضا يخرج العديد من قيادات الوزارة ليعلنوا عدم مسؤوليتهم عن هذه المشاكل.
وعلى نفس المنوال، نتابع ما يحدث في وزارات أخرى سواء التجارة او الداخلية والإعلام والبلدية والأشغال والسكنية.
والغريب أن كل مسؤول يجد بعض المشاكل فرصة للظهور والمباهاة وإبداء الفخر والاعتزاز بما يبذله من جهود دؤوبة غير مسبوقة، وكأن الأمر مجرد ساحة للشكر والإطراء والانتشار، دون مراعاة لمعاناة الناس وتقديم الحلول السديدة لحل المشكلات العديدة التي تعاني منها ادارته أو وزارته.
وهكذا تجدد كل يوم حالة المشاكسات والمجابهات بين أطراف العملية التنفيذية في مختلف الجهات الحكومية دون مراعاة لرأي أهل الميدان وجمهور المستفيدين من خدمات هذه الوزارة او تلك، فوسائل الاعلام وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي يفترض انها ساحة لتسليط الضوء على قضايا الناس وابراز مكامن الخلل او التقصير اذا وجدت، وفي هذه الحالة، المطلوب من المسؤولين ان يكونوا على قدر المسؤولية التي يتحملونها، فليس المطلوب منهم خطابات وبيانات التوضيح والثناء، بل ننتظر منهم وضع الخطط ورسم السياسات ومتابعة الأعمال والسعي الدؤوب للعمل والإنجاز حتى نلمس ذلك في تحسن مستوى الخدمات المختلفة سواء التعليمية او الصحية او الإسكانية والخدماتية في مختلف المجالات.
نحتاج الى المبادرة من كل مسؤول في مكانه، وألا ينتظر حتى يقع الخلل او تحدث المشكلة ثم يتحرك فلم يتم تعيينه في المنصب لذلك، بل للتطوير والإبداع في خدمة المراجعين، حتى يحصلوا على الخدمة المطلوبة بشكل لائق، لاسيما اننا في دولة الكويت التي نتغنى دائما بأنها كانت درة للخليج.
على المسؤولين ان يركزوا على العمل والانجاز، وألا ينشغلوا فقط بالظهور والشهرة والاكثار من التصريحات والبيانات، ويمكنهم الاستفادة من الاعلام في تلمس احتياجات المواطنين ومتابعة آراء المفكرين والمثقفين، ولا مانع هنا من وضع الجمهور أمام الصورة الحقيقية لأي مشكلة او قضية دون اسراف في التباهي والتفاخر وكأن قيامهم بأعمالهم مجرد «منة» منهم على المواطنين.
الكويت منحتنا الكثير، وما وصول أي شخص الى منصب الا تكليف، وعلى المسؤول أن يدرك ذلك وينطلق في العمل والإنجاز وإلا فليترك الأمر لمن هو أهل له.
[email protected]