تبقى المظاهرات الرافضة لترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لـ«العهدة الخامسة» الثابت الوحيد، في مشهد جزائري اكتنفه ترقب وتناقض استمر حتى الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب الترشح للانتخابات الرئاسية منتصف ليل أمس.
وحسم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الجدل، وقدم أوراق ترشحه رسميا لخوض انتخابات الرئاسة.
ووصل وفد من حملة الرئيس الى المجلس الدستوري لتقديم اوراق الترشح قبل ساعات قليلة من إغلاق باب الترشح منتصف الليلة الماضية.
وبعد أن أودع أوراق الترشح لدى المجلس الدستوري، قال مدير حملة الرئيس الجزائري، عبدالغاني زعلان، إن بوتفليقة في حال فوزه سيعلن عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال عام لا يكون هو مرشحا فيها، كما تعهد بتعديل الدستور عبر استفتاء شعبي، وإجراء ندوة للحوار الوطني على مستوى البلاد.
وسبق اعلان الترشح رسميا جدل دستوري حول وجوب حضوره شخصيا لتقديم اوراق ترشحه أو عدمه.
وبعد ان أعلن المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) على موقعه الإلكتروني انه يجب أن «يتم إيداع الملف من قبل المترشح» نفسه بناء على موعد يحدد له، مشترطا على المترشح تقديم أوراقه للمجلس الدستوري بنفسه، وليس من خلال من ينوب عنه، قالت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية إن إجراءات إيداع ملفات الترشح لرئاسيات 18 أبريل المقبل «محددة في القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات المصادق عليه في 2016 والذي لا يشترط حضور المترشح شخصيا».
ووسط هذا الجدل الدستوري، تجددت المظاهرات الطلابية الرافضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة. واندلعت في منطقتين بالعاصمة الجزائرية، بين الشرطة وطلاب الجامعات.
وحاول الآلاف من طلاب الجامعات الجزائرية التوجه إلى المجلس الدستوري للاحتجاج لكن قوات الأمن منعتهم وسمحت فقط بوصول المرشحين إلى مقر المجلس «المحكمة الدستورية» لإيداع ملفاتهم.
وبالتزامن مع دعوات طلابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتوجه إلى مقر المجلس الدستوري للاحتجاج هناك، فرضت قوات مكافحة الشغب طوقا أمنيا على مختلف المعاهد والجامعات بالمنطقة، وخاصة حول مقار كليات قريبة من المنطقة.
ورغم ذلك، تمكن المئات من طلبة تلك الكليات من الاقتراب من المجلس الدستوري، إلا أن قوات مكافحة الشغب تصدت لهم لتندلع اشتباكات بين الجانبين.
واستعملت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه في محاولة لتفريق الطلبة وإبعادهم عن محيط المجلس الدستوري، فيما رد المحتجون برشق قوات الأمن بالحجارة.
وفي سياق متصل، اندلعت مواجهات أخرى بين الدرك الوطني (قوة تابعة لوزارة الدفاع) وأعداد من الطلبة الذين كانوا يحتجون في منطقة باب الزوار شرقي العاصمة.
ونقلت «الأناضول» عن شهود عيان ان قوات الدرك استعملت الغازات المسيلة للدموع لمنع الطلبة من التقدم وأغلق الطريق الرابط بين المطار ووسط الجزائر العاصمة، فيما رد المحتجون بإلقاء الحجارة على قوات الأمن.
وأغلق مترو العاصمة في وقت مبكر بعد الظهر وكذلك الطريق السريع الذي يربط المطار بوسط العاصمة، لمنع الطلاب من الوصول إلى وسط المدينة، وفقا لوسائل الإعلام الجزائرية.
هذا، وانضمت حركة مجتمع السلم (حمس) أكبر حزب إسلامي في الجزائر الى مقاطعي الانتخابات الرئاسية، وأعلنت الانسحاب وعدم المشاركة فيها في حال ثبوت ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة.
وقالت الحركة في بيان امس ان مجلس الشورى الوطني قرر خلال دورة استثنائية تناولت موضوع الانتخابات الرئاسية إلغاء قرار المشاركة في الانتخابات الذي اتخذته في فبراير الماضي.
ولجأ أعضاء مجلس الشورى الوطني لحركة (حمس) الى التصويت السري عبر الصندوق من أجل الفصل في مسألة المشاركة من عدمها والذي افرز نتائج لم تكن متوقعة، حيث صوت 145 عضوا لخيار رفض المشاركة، فيما أبدى 97 عضوا رغبتهم في مواصلة المشوار بترشيح رئيس الحركة عبدالرزاق مقري لهذا الموعد الانتخابي.
وتعليقا على ذلك، كتبت صحيفة «المجاهد» الحكومية «إن أولئك الذين اشترطوا انسحاب رئيس الجمهورية من الترشح من اجل المشاركة في الانتخابات بدون أي احترام لمبدأ المنافسة السياسية في الديموقراطية سيصابون بالخيبة».
وقدم اللواء المتقاعد علي الغديري ملف ترشحه امس، وشكر عقب إتمام إجراءات الترشح «الشعب الجزائري الذي ساند رجلا بلا حزب سياسي يدعمه، بحيث عانى كثيرا من الصعوبات الإدارية».
وإضافة الى غديري يوجد من أبرز المترشحين الذين قدموا ملفاتهم: عبدالعزيز بلعيد (55 عاما) الذي استقال من جبهة التحرير الوطني، حزب بوتفليقة، في 2011 ليؤسس «جبهة المستقبل»، ونال 3% من الأصوات في انتخابات 2014.
كما أعلن وزير السياحة السابق عبدالقادر بن قرينة رئيس «حركة البناء» (إسلامية) أنه قدم ملف ترشيحه لدى المجلس الدستوري.
والمرشحان الآخران غير معروفين وهما: علي زغدود رئيس حزب صغير من «التجمع الجزائري»، وعبدالكريم حمادي وهو مستقل، وسبق لهما الترشح لكن ملفيهما لم يقبلا.
في المقابل، أعلن رئيس الحكومة الجزائري الأسبق رئيس طلائع الحريات المعارض علي بن فليس، انسحابه رسميا من سباق الرئاسة، كما انسحب أيضا المرشح المستقل غاني مهدي.