ثمة علامات استفهام، تتقاطع فيما بينها حول التعاطي مع الشأن البرلماني، لاسيما مع زخم من الانتقاد الشعبي لـ«ضعف الإنجاز في مجلس الأمة الحالي»، والاعتراف النيابي بالتقصير، والاتفاق على «تلافي ما مضى، واستغلال ما هو آت من وقت، في إقرار المتراكم».
فبالأمس القريب، التأم المتفقون والمختلفون على رغبة في دفع الجلسات نحو ولادة تشريعية، والانتهاء من زحمة قوانين تنتظر خروجها إلى النور.. هكذا صرحوا «فالجانب الرقابي أخذنا من التشريع بعيدا، والشارع مستاء منا»..غير أن ما يظهر جليا، أن خلف الكواليس من يصر على «إبقاء المجلس مقصرا»، ويرمي بثقله خلف «إشعال تأزيم وعرقلة مشاريع»، ونهجه «وضع العصا في الدولاب، وتوجيه السلطتين نحو التصادم وعدم اللقاء».
والمتفحص لأبعاد المشهد وسيناريو أحداثه، يؤمن بأن هناك من لم يرق له تفوق وزير التجارة خالد الروضان في جلسة استجوابه، وما أفرحه انتهاء المساءلة بردا وسلاما..
الصورة جلية، والأهداف مكشوفة لا يجهلها إلا من أغمض بصره عنها.. وهي تأخذ مسارات عدة، أولها، أن أطرافا نيابية بات وضعهم شبه منهار أمام قواعدهم الانتخابية، لاسيما الذين قاطعوا الانتخابات سابقا وهللوا لوأدها، وعابوا على غيرهم المشاركة، وطعنوا في نواياهم، واتهموهم بالانقلاب على مبادئهم وشعاراتهم، ثم نكصوا بما تفوهوا به وأفتوا بجواز الترشح مرة أخرى... هؤلاء اليوم، لم يجنوا شيئا من عضويتهم في البرلمان، ولم يفوا بما وعدوا به، لذا يبحثون عن انتصار وهمي، لعلهم يقنعون مناصريهم بأنهم فعلوا وأدوا.. فلم يكن لهم من سبيل سوى التأجيج، لاسيما ان السنين السابقة في قاعة عبدالله السالم، أثبتت خلو جعبتهم من أي خطاب تنموي، وتنفيذ واقعي».
وعلى المنوال ذاته، يرى نفر منهم، أن المجلس الحالي في طريقه إلى نهاية عمره التشريعي وإكمال مدته الدستورية، وبقائه على قيد الحياة يعني انكسارا لهم، وهزيمة تطيح بكراسيهم.. وليس من خلاص يعيد شيئا من توازنهم، سوى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.. فهي وسيلة جربت سابقا، وأثمرت نتائج يانعة..هنا، قد يتبدل وضعهم قليلا، ولا بأس أمامهم، في أن يشيعوا أمام العامة، أن الحكومة لم تقدر عليهم، وضاقت بهم.. ويقولون ما يقولون من عبارات مادحة لفعلهم، وقادحة بالطرف المقابل.
بيد أن في الزوايا، وبعيدا عن الأضواء، من يقتات على فعل مستنكر من هذا، ومرفوض من ذاك.. فيسرع إلى سكب الزيت على النار.. هؤلاء، ليسوا ظاهرين، غير أن آثارهم تكشفهم وتزيح اللثام عنهم.. فهم، وإن كانت أقدامهم خارج المجلس، لكن في ردهاته من ينوب عنهم، ويأتمر بأمرهم.. ومن ينكر، يجحد الحقيقة برمتها.
أين السبيل؟.. هو في يد الأعضاء أنفسهم.. الوزير الروضان، تجددت ثقته قبل موعدها بامتياز مع مرتبة الشرف..البوصلة النيابية في خاتمة الطريق، هي درب التشريع الحقيقي، واستكمال تمرير قوانين يحتاجها الوطن، ويتطلع لها المواطن.. قبل اسدال الستار على دور الانعقاد الحالي.. أما المقبل، فهو في الغالب، شبه منسي.. فالأعضاء في معظمهم سينشغلون عنه بالاستعدادات للانتخابات الآتية.