بين تصعيد تارة وتهدئة تارة أخرى، يستمر الترقب لتطور المواجهة بين إيران والولايات المتحدة، وسط تلميحات من الجانبين بأن باب التفاوض بينهما مازال «مواربا»، فيما دعت طهران لحوار إقليمي مع دول الخليج.
وأكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان بلاده تتفاوض مع واشنطن ما لم تظهر احتراما لطهران وتلتزم بتعهداتها في الاتفاق النووي.
وقال ظريف في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية امس إن الولايات المتحدة «تلعب لعبة خطيرة جدا» من خلال تعزيز تواجدها العسكري بالمنطقة.
جاء ذلك بعدما اكد الرئيس حسن روحاني، إن بلاده مع التفاوض والديبلوماسية «لكن الظروف الحالية ليست مناسبة للتفاوض (مع الولايات المتحدة)، فهي ظروف مقاومة وصمود».
وأضاف روحاني في تصريحات خلال لقائه مع عدد من العلماء ورجال الدين في طهران أول من أمس: «العام الماضي خلال سفري للأمم المتحدة أكثر من خمس رؤساء دول كبيرة توسطوا لدي لنبدأ مفاوضات مع الولايات المتحدة، لكننا رفضنا».
وتابع: «كما أن وزارة الخارجية الأميركية أرسلت أكثر من عشر طلبات للتفاوض لكن الظروف التي نعيشها الآن ليست ظروفا مواتية للتفاوض وإنما للمقاومة والصمود».
واستطرد: العدو دائما كان يسعى كي نكون البادئين، وأحد أهم الأعمال التي ستسجل لصالح حكومتنا هي أن الجمهورية الإسلامية لم تكن البادئة بالتصعيد.
وأكد الرئيس الإيراني أن الأشخاص الذين في البيت الأبيض خلال الأربعين عاما الماضية كانوا يعملون دائما ضد ايران، والان يجتمعون في البيت الأبيض للعداء ضد طهران.
ودعا روحاني إلى حصر السلطة ومراكز صنع القرار في مؤسسة الرئاسة، وقال: «خلال فترة الحرب مع العراق، عندما واجهنا مشكلة، تم إنشاء المجلس الأعلى لإدارة الحرب، وكانت جميع السلطات في أيدي هذا المجلس، وحتى مجلس الشورى (البرلمان) والقضاء لم يشاركا في قرارات ذلك المجلس، واليوم نظرا لأننا نواجه ظروف الحرب، فإننا بحاجة إلى مجلس مشابه».
وفي سياق متصل، دعت إيران إلى إجراء حوار مع دول الخليج العربي، فيما حذرت من أن أي صدام محتمل من شأنه أن يتجاوز المنطقة وأن تكون له تداعيات على الأمن والسلم العالميين.
جاء ذلك في رسالة وجهتها طهران إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) امس.
وقال روانجي: يمكن حل وتسوية القضايا الأمنية المعقدة الراهنة في المنطقة فقط عبر التعاطي البناء والحوار بين دول منطقة الخليج وإيران.
وأضاف: إن لم تحل هذه القضايا بصورة كاملة فإن نطاق أي صدام محتمل سيتجاوز المنطقة سريعا، وستكون له تداعيات جدية وواسعة على الأمن والسلام الدولي.
وأوضح أن مثل هذا الحوار الإقليمي يجب أن يكون مبنيا على أساس الاحترام المتبادل، وكذلك المبادئ العامة المعترف بها والأهداف المشتركة.
وأكد أن إيران لن تختار أبدا الحرب كخيار أو استراتيجية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية.
في المقابل، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران مجددا من أنها ستواجه «قوة هائلة» إن هي حاولت فعل أي شيء ضد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مضيفا أن طهران أبدت عدائية شديدة تجاه واشنطن.
وقال ترامب في حديث للصحافيين أثناء مغادرته البيت الأبيض لحضور فعالية في بنسلفانيا امس الاول «أعتقد أن إيران سترتكب خطأ فادحا جدا إن هي فعلت أي شيء.
وإن هي فعلت شيئا فستواجه قوة هائلة، لكن ليس لدينا ما يشير إلى أنها ستفعل»، مؤكدا «لن يكون أمامنا خيار».
واكد أنه لا يزال مستعدا لإجراء محادثات مع إيران «عندما يكونون مستعدين»، موضحا أنه ما من مناقشات تجري الآن، مضيفا «سنرى ما سيحدث.. لكنهم أبدوا عدائية شديدة.. إنهم بحق المحرض الأول على الإرهاب».
وحذر ترامب زعماء إيران من الاتصال لإجراء محادثات ما لم يكونوا مستعدين للتفاوض.
في غضون ذلك، قال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، إن موسكو تعتبر عقد جلسة للجنة المتخصصة بالاتفاق النووي على مستوى المديرين السياسيين ضروريا لكن المشاركين الأوروبيين غير مستعدين لهذا الأمر.
وأضاف أوليانوف في تصريح لوكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية امس «أننا نؤيد عقد جلسة للجنة المشتركة لأن الوضع صعب ويجب التحدث عن كيفية الخروج منه»، لافتا إلى أن بلاده لا ترى ضرورة في اجتماع وزاري بل يجب أن تكون لجنة مشتركة على مستوى ما يسمى بالمديرين السياسيين.
أوروبيا، قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير ان «أوروبا لن تخضع لتحذيرات إيران بشان الاتفاق النووي».
وقال لومير في تصريح صحافي ان «الأوروبيين يواجهون ضغوطا هائلة من الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتجارة مع إيران»، معتبرا أن «التهديدات الإيرانية بالانسحاب من الاتفاق النووي لا تفيد فيما يتعلق بهذا الأمر».
وأضاف انه «لا يتوقع ان تنجر اوروبا إلى فكرة هذه التهديدات»، مؤكدا أن «منطقة اليورو تتعرض لضغط غير مسبوق».