اتفقت قوى عالمية أمس على تقديم «موارد مهمة» لمساعدة بيروت على التعافي من الانفجار الهائل الذي دمر مناطق واسعة من المدينة، كما تعهد المانحون بأنهم لن يخذلوا الشعب اللبناني.
وجاء في البيان الختامي لمؤتمر الدعم الدولي لبيروت وللشعب اللبناني، الذي نظم بمبادرة من فرنسا والأمم المتحدة عبر الفيديو، أن المشاركين توافقوا على أن تكون مساعداتهم «سريعة وكافية ومتناسبة مع احتياجات الشعب اللبناني.. وأن تسلم مباشرة للشعب اللبناني، بأعلى درجات الفعالية والشفافية»، ولم يفصح البيان عن حجم التعهدات التي جرى تقديمها.
وذكر البيان أن الشركاء مستعدون لدعم النهوض الاقتصادي للبنان، مما يستدعي التزام السلطات اللبنانية بالقيام سريعا بالإجراءات والإصلاحات التي يتوقعها الشعب اللبناني.
وطالب البيان بتحقيق موثوق ومستقل في انفجار مرفأ بيروت، داعيا السلطات اللبنانية إلى البدء سريعا في الإصلاحات.
وفي مستهل المؤتمر دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المجتمع الدولي إلى «التحرك سريعا» لمساعدة لبنان، محذرا من «العنف والفوضى» فيما يتصاعد الغضب في البلاد ضد الطبقة السياسية، ومشددا على أن واجب القوى العالمية دعم الشعب اللبناني في الوقت الذي بات فيه مستقبل لبنان على المحك.
ومن مقر إقامته الصيفية في بريغانسون جنوب فرنسا، أعلن ماكرون أنه «يجب التحرك سريعا وبفاعلية لتصل هذه المساعدات مباشرة وبشفافية على الأرض إلى السكان».
وحث السلطات اللبنانية على «التحرك لتفادي انزلاق البلاد في الفوضى والاستجابة للتطلعات التي يعبر عنها الشعب اللبناني بشكل مشروع»، مؤكدا أن الأموال التي جمعت يجب أن تكون مجرد بداية وانه لابد أن تكون هناك استجابة دولية تحت تنسيق وإشراف الأمم المتحدة.
من جانبه، ثمن الرئيس اللبناني ميشال عون عاليا، باسمه وباسم الشعب اللبناني، التضامن الدولي الذي تجلى بمسارعة قادة الدول والمسؤولين إلى الحضور أو الاتصال والإعراب عن التعاطف والمؤازرة في لملمة الجراح، كما مبادرة الدول الشقيقة والصديقة إلى إرسال المساعدات الإنسانية والطبية الطارئة.
وفي كلمته بالمؤتمر لفت عون إلى أن «إعادة بناء ما دمر واستعادة بيروت بريقها تتطلبان الكثير، فالاحتياجات كبيرة جدا وعلينا الإسراع في تلبيتها، خصوصا قبل حلول الشتاء، حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى، وبما يتعلق بصندوق التبرعات المنوي إنشاؤه فأشدد على أن تكون إدارته منبثقة عن المؤتمر»، موضحا أن هذه «ليست المرة الأولى التي تدمر فيها بيروت لكنها في كل مرة تنهض من تحت أنقاضها، واليوم كلي إيمان بأن بيروتنا ستنهض كما كل مرة».
من جانبه، حض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مشاركته في المؤتمر امس، الحكومة اللبنانية، على إجراء تحقيق «كامل وشفاف» في انفجار المرفأ، بحسب بيان للبيت الأبيض.
وقالت الرئاسة الاميركية ان ترامب دعا الى الهدوء في لبنان، مع إقراره بـ «مشروعية الدعوات التي أطلقها المتظاهرون السلميون الى الشفافية والإصلاحات وتحمل المسؤوليات».
وأكد الرئيس الأميركي على«الروابط التي تجمع الولايات المتحدة مع لبنان»، لافتا إلى أن «المساعدات الأميركية تحركت نحو لبنان بعد الحادثة التي لم ير مثلها من قبل».
وشدد ترامب على «وجوب معرفة من يقف خلف الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت والسبب، والإجابة عما إذا كان الانفجار حادثا أم لا»، مؤكدا أن «بلاده مستمرة في العمل مع فرنسا وملتزمة بمساعدة لبنان على تخطي الظروف الراهنة».
إلى ذلك، أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، أن المملكة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات إنسانية عاجلة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وذكرت وزارة الخارجية السعودية على «تويتر»، نقلا عن وزير الخارجية خلال المؤتمر، تأكيد وقوف المملكة مع لبنان الشقيق وأهمية إجراء تحقيق شفاف ومستقل لكشف الأسباب التي أدت إلى الانفجار المروع.
من جهته، أعلن أمير قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن مساهمة بلاده بنحو 50 مليون دولار لمساعدة لبنان، كاشفا عن مزيد من الدعم لإعادة الإعمار خلال أيام.
في السياق نفسه، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المجتمع الدولي إلى بذل ما يستطيع من أجل مساعدة لبنان على النهوض مجددا من خلال تجاوز الآثار المدمرة لحادث بيروت وإعادة إعمار ما تعرض للهدم، مناشدا الوطنيين المخلصين في لبنان، على اختلاف مواقعهم، النأي بوطنهم عن التجاذبات والصراعات الإقليمية، وتركيز جهودهم على تقوية مؤسسات الدولة الوطنية اللبنانية.