بقلم: أ.د. محمد الطيان - عضو مراسل بمجمع اللغة العربية بدمشق
شكرا جامعتي وألف شكر..
وأقول جامعتي فأنسبها إلى نفسي، وأنسب نفسي لها..
وكيف لا أنسبها وقد شهدت تأسيسها وبناءها حجرا حجرا ومقررا مقررا؟! إذ كان تعييني فيها بتاريخ 18/5/2002م. أي قبل انطلاق التدريس فيها بنحو أربعة أشهر.
وكيف لا أنسبها وقد شهدت تعيين مدرسي العربية فيها مدرسا مدرسا، إذ كنت عضوا في لجنة اختيار المدرسين.
وكيف لا أنسبها وقد عرفت مجلس الجامعة واللجنة الأكاديمية فيها ومجلس أمنائها وحضرت الكثير من اجتماعاتها، إذ كنت أمينا لهذه المجالس، وشهدت ولادة فروعها فرعا فرعا حتى غدت فروعا تسعة.
وكيف لا أنسبها وما من لائحة من لوائحها، ولا إستراتيجية من إستراتيجياتها، ولا منشور من منشوراتها إلا مر علي مدققا ومصححا، وفي بعض الأحيان صائغا ومنشئا؟
وكيف لا أنسبها وقد تركت لأجلها جامعتي التي كنت أدرس فيها، وعزفت عن كثير من العروض التي جاءتني من هنا وهناك لأبقى فيها؟
ثم كيف لا أشكرها وقد فتحت عيوني على الدنيا، وأطلقت العنان لفكري ولساني وقلمي في مجال البحث والتأليف والنشر والمحاضرة والمشاركة في مؤتمرات وندوات محلية وعربية وعالمية حتى غدا اسمي معروفا - ولله الحمد والفضل والمنة - في كل مكان، ومقرونا إلى الجامعة المفتوحة من جهة، وإلى العربية التي أحب من جهة أخرى.
أجل، لقد أسست في الجامعة العربية المفتوحة مقررات اللغة العربية، واخترت أساتيذها، وأعددت مناهجها، وشاركت في تأليف كتبها، ووضع امتحاناتها، وموادها المساندة.. من أدلة للمقررات، واختبارات لتحديد المستوى، وواجبات، وتقويمات، وتوصيفات، ومكانز للأسئلة، وتحكيم للبحوث، وتقويم للمناهج.
وانطلقت من الجامعة العربية المفتوحة لأنشر حب العربية والتمرس بعلومها في كل مكان، بدءا من وزارة الإعلام بالكويت، حيث قدمت الكثير من الدورات للإعلاميين (من مذيعين ومذيعات وصحافيين ومعدين ومقدمين..) ومرورا بوزارة الأوقاف حيث قدمت الكثير من الدورات أيضا للأئمة والخطباء وكبار العاملين فيها.
وولوجا إلى وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفاز وقنوات فضائية وجرائد ومجلات، حيث قدمت الكثير من البرامج الإذاعية والتلفازية أعد منها ولا أعددها: (أحسن الحديث، ووقفات، وجمال العربية، وبلاغة القرآن، وإعراب القرآن...) فضلا عن عشرات اللقاءات والمقابلات.. وكتبت العشرات من المقالات في مجلات وجرائد مختلفة أذكر منها: (حوليات كلية الآداب، والعربي، والكويت، والهوية، والوعي الإسلامي، والبيان، والراي، والوطن..) ونشرت نحوا من عشرة كتب من مؤلفاتي في مؤسساتها المختلفة.
وكانت لي وقفة في رابطة الأدباء الكويتيين التي شاركت فيها بكثير من المحاضرات والدورات واللقاءات، حتى صرت عضوا من أعضائها.
أما المؤتمرات والندوات والدعوات التي أتاحت لي الجامعة حضورها بدعم منها أحيانا، وبموافقة كريمة أحيانا أخرى، فهي أكثر من أن تحصى، وقد جبت فيها أنحاء المعمورة من ماليزيا إلى أميركا فبريطانيا فتركيا ففرنسا.. فضلا عن أكثر البلاد العربية.
ثم كيف لا أشكرها وقد ترقيت فيها في سلم الترقيات الأكاديمية حتى بلغت ذروتها وهي الأستاذية، ونلت منها ومن الوزارات والمؤسسات التي أتاحت لي المشاركة في نشاطاتها من الدروع التكريمية وشهادات الشكر والتقدير ما تنوء بحمله الرفوف، وتضيق عن استيعابه الأمكنة، فهو موزع بين مكتبي في الجامعة، وبيتي في الشام، ومنزلي في الكويت، ومنزل ابني في تركيا.
وكيف لا أشكرها وقد تسنّمت فيها وفي غيرها أعلى الرتب العلمية، فكنت فيها المنسق العام لمقررات اللغة العربية ـ على مستوى الفروع كلها ـ وكنت في غيرها: الخبير اللغوي في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وعضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وعضو المجلس العالمي للغة العربية، وعضو الاتحاد الدولي للغة العربية.
وكيف لا أشكرها وقد أتاحت لي التدريس في كثير من الجامعات في الكويت كجامعة الخليج والكلية الدولية للقانون، وكلية الدراسات العليا بجامعة الكويت، فضلا عن عشرات المحاضرات التي ألقيتها في الكويت وخارج الكويت.
وكيف لا أشكرها وقد لقيت من معظم العاملين فيها كل تقدير واحترام، بدءا من سمو الأمير تركي بن طلال الذي شد من أزري وحماني وحباني حفظه الله ورعاه، ومرورا بالمديرين والعمداء وأعضاء مجلس الأمناء، وانتهاء بالأساتيذ والإداريين.
ولا يفوتني هنا أن أدعو بالرحمة والمغفرة لمن أسس هذا الصرح الشامخ، أعني الأمير طلال بن عبدالعزيز جزاه الله خير الجزاء على ما بنى وأسس وأعطى وقدم، والشكر موصول لابنه وخلفه على رعاية الجامعة ورئاسة مجلس أمنائها سمو الأمير عبدالعزيز بن طلال سدد الله خطاه.
وبعد،،
فالحمد لله أن بلغني سن التقاعد وأنا أوفر ما أكون نشاطا.. وأغزر ما أكون عطاء.. وأفصح ما أكون لسانا.. وأرجى ما أكون نفعا وإفادة ومحاضرة ونتاجا وتأليفا وتوفيقا.
واتباعا لهدي رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» أختم فأقول:
شكرا وألف شكر لكل من رافقته وصحبته وزاملته في رحلتي الجميلة، خلال نحو من عشرين عاما في رحاب الجامعة العربية المفتوحة (2002 ـ 2021). وأسأل الله العظيم أن يسدد خطانا ويوفقنا جميعا لكل خير.