- نقوم بدورنا الوطني تجاه بلدنا ونمارس عباداتنا بكل حرية وهناك أفكار خاطئة عند الطرفين
محمد هلال الخالدي
فند مستشار الرئيس الإيراني السابق لشؤون أهل السنة الشيخ مولوي إسحاق مدني كثيرا من الأخطاء الشائعة حول تعرض أهل السنة في إيران للظلم والاضطهاد بسبب مذهبهم.
وأكد مدني في حوار مفتوح نظمته رابطة الصداقة الكويتية ـ الإيرانية مساء أول من أمس في ديوانية نائب رئيس الرابطة عبدالمطلب الكاظمي وبحضور النائب عدنان عبدالصمد والنائب صالح عاشور وأمين عام الرابطة نائب رئيس التحرير الزميل عدنان الراشد وعضو اللجنة الشرعية للوقف الجعفري الشيخ علي الجدي وعامر التميمي والإعلامي د.نجم عبدالكريم ود.عبدالرضا أسيري وعدد من الحضور، أكد أن أهل السنة في إيران مواطنون مثل بقية المواطنين، يحظون بكل الحقوق ويقومون بدورهم الوطني تجاه بلدهم ويمارسون عباداتهم بكل حرية.
وأضاف ان الخلافات بين السنة والشيعة موجودة منذ بداية الإسلام، ولكن لم يكن المسلمون يتقاتلون بل كانوا إخوة في الدين وشاركوا في الجهاد في سبيل الله عز وجل جنبا إلى جنب، واستشهد على ذلك بصحبة علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلال فترة خلافته، بل انه كان من خيرة مستشاريه الصادقين الأمناء.
وأكمل الشيخ مدني أن أكبر معوقات الوحدة بين المسلمين السنة والشيعة اليوم هو الجهل بحقيقة الإسلام الناصعة، مضيفا أنه خلال تجربته ولقائه بكثير من السنة والشيعة في إيران تبين له وجود جهل كبير حول حقيقة الإسلام وحقيقة الخلاف بين الطائفتين، وأنه يسمع كثيرا من بعض الشيعة أن أهل السنة ليس لديهم نظرة إيجابية لأهل البيت، وفند ذلك بالقول ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بشر خليفة المسلمين علي بن أبي طالب بالجنة، وقال في حديث في صحيح البخاري: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه»، ثم في صباح اليوم التالي والصحابة يترقبون أعطى صلى الله عليه وسلم الراية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأكمل الشيخ مدني بأن أحاديث حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء موجودة في كتب السنة ولا خلاف عند أهل السنة على حب آل البيت الكرام.
كما فند ما يشاع من قبل بعض السنة من أن للشيعة قرآنا مختلفا، قائلا انه إيراني سني وتجول في أرجاء إيران ولم يشاهد قرآنا آخر غير قرآن المسلمين، فلا صحة لمثل هذا الادعاء، مضيفا ان مثل هذه الأقاويل هي من المؤامرات والدسائس التي يبثها أعداء الإسلام لنشر التفرقة والخلافات بين المسلمين.
فتاوى شيعية تناصر السنة
وواصل الشيخ مدني حديثه قائلا: إنه كان عضوا ممثلا لأهل السنة في مجلس خبراء القيادة لثلاث دورات، أي نحو 24 عاما، مضيفا: كنت حريصا على حضور كل الاجتماعات، وكنا ثلاثة ممثلين عن السنة في هذا المجلس، وكنا نلتقي بالإمام الخميني آنذاك ولم نسمع منه ولا مرة واحدة أي إهانة أو سب أو أي شكل من أشكال الاضطهاد لأهل السنة، وهو ربما لم يكن يعلم بوجود ممثلين عن السنة في الاجتماع، كذلك تكرر الأمر مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد خامنئي، بل إن السيد خامنئي أصدر فتوى مشهورة قالها في خطبة معلنة سمعها العالم كله، حرم فيها سب أهل السنة أو رموزهم الدينية وحرم الاعتداء عليهم وأكد على حرمة المسلم على المسلم.
وأكمل الشيخ مدني أنه بعد سماع خطبة السيد خامنئي كان يعتقد أن الخلاف السني ـ الشيعي سينتهي بعد كل هذا الوضوح، ولكن أعداء الإسلام لا يهدأون وهم يسعون دائما لإشعال الفتنة بين المسلمين.
وقال إن على المسلمين اليوم أن يقتدوا بكبار السلف الصالح الذين كانوا يتعايشون مع بعضهم بعضا ولم يتجاوز الخلاف بينهم حدود الرأي والمشورة، فلم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجاهل مشورة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا يناديه إلا بأبي الحسن، وهذا دليل على حبهم لبعضهم وحبهم لدينهم، ونحن علينا أن نقتدي بهم.
حوار مفتوح
بعد ذلك فتح باب النقاش وطرح الأسئلة، والتي بدأها مدير الجلسة وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الأسبق الزميل د.عبدالهادي الصالح بسؤال مباشر قائلا: هل أهل السنة في إيران مظلومون؟ فرد عليه الشيخ مدني أنه لا يوجد بين السنة والشيعة ولا بين الحكومة الإيرانية وأهل السنة أي خلاف على الإطلاق، قد يوجد بعض السنة غير راضين عن أداء الحكومة، ولكن هذا ليس لأنهم سنة ولا علاقة لهذا بالمذاهب، فقد يوجد شيعة أيضا غير راضين عن أداء الحكومة.
كما تساءل د.نجم عبدالكريم فيما إذا كان في طهران مساجد لأهل السنة؟ ورد عليه الشيخ مدني بالقول إنه لا يوجد مسجد للسنة في طهران، ولكن يوجد الكثير من المصليات، كما أن هناك الكثير من المساجد للسنة في مختلف مناطق إيران التي يسكنها أهل السنة، بل في بعض المناطق التي يسكنها سنة وشيعة يوجد فيها مساجد للسنة أكثر وأكبر من مساجد الشيعة مثل مدينة زاهدان، وهذا لم يكن الحال في إيران قبل الثورة الإيرانية، ولكن بعد الثورة أقيمت الكثير من المساجد والمعاهد الدينية الخاصة بأهل السنة، كما تتمتع مناطق السنة في إيران بكل الخدمات الصحية والتعليمية التي تنتشر في جميع المناطق الأخرى دون تمييز، وأكد الشيخ مدني أن مسجد السنة في زاهدان هو ثاني أكبر مسجد في إيران بعد مسجد الخميني في طهران.
بعد ذلك وجه د.عبدالرضا أسيري سؤالا قال فيه إن البعض يتهمون دائما أصحاب الأقليات الدينية في أي بلد بأن ولاءهم ليس لبلدانهم فماذا تقول؟ ورد عليه الشيخ مدني بأن ذلك لا ينطبق على الأقلية السنية في إيران، وأوضح دليل على ذلك هو مشاركاتهم الفاعلة في جميع الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والتي تتجاوز أحيانا 90%، كذلك مشاركتهم في الاستحقاق الدستوري، حيث صوتت أغلبية السنة بكل نزاهة وحرية لصالح الجمهورية الإسلامية، مضيفا، ان هناك معترضين لا شك، ولكن ليس لأنهم من أهل السنة فلا علاقة للمذاهب هنا، فمعظم الإيرانيين مع الدولة لأنهم استفادوا من الثورة الإسلامية وشعروا بأفضالها عليهم.
كما أكد الشيخ مدني أن أهل السنة في إيران أقلية وهم يدركون ذلك وليس لديهم طموح في تولي الحكم.
وفي رده على سؤال «الأنباء» حول مشاركة أهل السنة في القرار السياسي ووجود ممثلين عنهم في البرلمان الإيراني، أكد الشيخ مدني أنه لا يوجد وزراء سنة في الحكومة، ولكن يوجد لهم ممثلون في البرلمان يتجاوز عددهم 20 نائبا، وهم يقومون بدورهم بكل حرية، مضيفا ان هناك سفراء من أهل السنة وفي مناصب أخرى كثيرة.
شهادة عبدالرضا أسيري
أكد د.عبدالرضا أسيري أنه تجول في إيران عدة مرات وفي مناطق أهل السنة تحديدا من منطلق اهتماماته بحقوق الإنسان، وشهد أنه شاهد بنفسه مساجد كثيرة لأهل السنة، وأسماء الشوارع في المناطق السنية بأسماء الخلفاء الراشدين والصحابة، وسمع بنفسه الآذان يرفع من مساجد أهل السنة، بما يؤكد على احترام حقهم في العبادة وفق مذهبهم ودون أي مضايقات.
الكويت مثال على التسامح
أكد عضو الوقف الجعفري بوزارة الأوقاف الشيخ علي الجدي تميز أهل الكويت بوحدتهم الوطنية وترابطهم الأخوي وانفتاحهم على الجميع دون تمييز مذهبي، مرحبا بضيف الكويت الكبير الشيخ مولوي إسحاق مدني، قائلا انه يحل ضيفا على الوقف الجعفري، فالمجتمع الكويتي بحمد الله عرف منذ المجتمع الأول التآلف والتسامح ولم يعرفوا التحزب والتفرقة بين سني وشيعي،
شكر مستحق
وجه صاحب الديوانية العم عبدالمطلب الكاظمي الشكر والتقدير للشيخ مولوي إسحاق مدني على تلبية الدعوة، كما وجه الشكر للسفير الإيراني محمد إيراني وأعضاء السفارة المرافقين له ولجميع الحضور على حضورهم في هذا الملتقى الذي يجمع ولا يفرق، ويحرص على وحدة المسلمين ولم شملهم ووحدة كلمتهم، وأن يكون هذا اللقاء ثمرة ليعرف كلنا الآخر.
السفير الإيراني لـ «الأنباء»: العلاقات الإيرانية- الكويتية طيبة رسمياً وشعبياً
محمد هلال الخالدي
أكد السفير الإيراني في الكويت محمد إيراني عمق العلاقات الطيبة التي تجمع الكويت وبلاده، قائلا إن ما يجمعنا الكثير ونحن دائما نؤكد على هذه العلاقات المتميزة في كل المحافل، لافتا إلى أن وجود الشيخ مولوي إسحاق مدني مستشار الرئيس الإيراني السابق لشؤون أهل السنة في الكويت بدعوة كريمة من الوقف الجعفري الكويتي خير دليل على الصداقة والمودة بين البلدين ليس فقط على المستوى الرسمي، وإنما كذلك على المستوى الشعبي، مضيفا أن مثل هذه المشاركة سيكون لها تأثير إيجابي على الوحدة بين المسلمين، والخروج من الدوائر الضيقة إلى العلاقات المفيدة، متمنيا أن تتكرر مثل هذه الزيارات بين البلدين.
وفي رده على سؤال «الأنباء» حول التصريحات المتكررة من بعض المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني والتي وجهوا فيها اتهاماتهم للكويت بأنها كانت منطلقا للطائرات الأميركية التي قصفت قاسم سليماني رغم نفي الكويت الرسمي لذلك أكثر من مرة، قال السفير محمد إيراني إننا تحدثنا مع وزارة الخارجية حول هذا الموضوع، وأوضحنا أن الأمر ليس كما يبدو، فالقائد العسكري الإيراني كان يشرح موضوع اغتيال القائد العسكري قاسم سليماني، مضيفا أنه شاهد هذا المقطع المصور الذي مدته 45 دقيقة، وفي جزء صغير جدا تحدث عن رصد الطائرات الأميركية في وقت الحادث منذ البداية وحتى النهاية، وقال إنه كانت هناك طائرات عسكرية كثيرة تجول في سماء المنطقة، وأن هذه الطائرات انطلقت من 4 قواعد عسكرية موجودة في المنطقة ومن ضمنها قاعدة علي السالم الكويتية، مؤكدا أن القائد العسكري في الحرس الثوري الإيراني لم يقل بشكل مباشر إن الطائرة التي قصفت سليماني هي بالتحديد التي انطلقت من قاعدة علي السالم الكويتية، وإنما ذكر بشكل هامشي أنه وقت الحادث كانت هناك طائرات تجول في المنطقة انطلقت من القواعد المتواجدة ومن بينها القاعدة الكويتية.
وشدد السفير إيراني على أنه من الأفضل عدم إعطاء هذا الموضوع أكبر من حجمه لأنه لا أحد يستفيد من هذه القصة حسب قوله، مضيفا أن الموقف الرسمي الإيراني الواضح هو أنه بعد الضربة الإيرانية للقواعد الأميركية في العراق أعلن أن إيران اكتفت ولا تريد تصعيدا أكبر من ذلك، لكننا نؤكد أننا سنرد في حال تكرر القصف من الأميركان.
العلامة الشيخ مولوي إسحاق مدني في سطور
هو أحد أبرز علماء أهل السنة في جمهورية إيران، وشغل منصب مستشار الرئيس لشؤون أهل السنة لعدة سنوات ومع أكثر من رئيس من رؤساء الجمهورية الإيرانية، وهو أستاذ في جامعة الأديان وله عشرات الكتب والمؤلفات العلمية والفقهية.
ولد في مدينة سراوان في مقاطعة بلوشستان، ودرس في مدارسها ثم واصل تعليمه في باكستان وتابع دراساته في المدينة المنورة التي حصل منها على درجة الليسانس.
كما يشغل العديد من عضويات المجالس ومنها مجلس الشورى الإسلامي لعدة دورات برلمانية، وعضو مجلس الخبراء القادة عن محافظة سيستان وبلوشستان، وعضو المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب.