- ممرضة: توفي زوجي في الهند ولم أتمكن من زيارة أهلي أو المشاركة في تلقي العزاء!
- السفارة وعدتنا بمتابعة الموضوع لكن لم نصل إلى حل
- الممرضات: دفعنا مبالغ طائلة لشركات توفير العقود وضاعت أحلامنا أدراج الرياح
- اقترضنا من البنوك وبعنا أملاكنا على أمل التعويض لكننا فوجئنا بهذا الوضع القاتل
- كنا نعمل في مستشفيات ولنا دخل ثابت وحياة مستقرة وكل ما أردناه تحسين معيشتنا
- كيف نعيش وكيف نعوض أسرنا ونستعيد حياتنا التي فقدناها دون ذنب أو خطأ منا؟
محمد هلال الخالدي
ربما يصعب تصديق هذا الخبر، لكنه صحيح مع الأسف، حيث تعاقدت وزارة الصحة مع 80 ممرضة من الهند في عام 2015، ووصلن إلى الكويت مع بداية عام 2016 للعمل في مستشفيات وزارة الصحة، ومنذ وصولهن تم وضعهن في سكن الممرضات انتظارا لاستكمال الإجراءات الإدارية وتوزيعهن على مراكز العمل، إلا أن المشكلة بدأت حين تم إبلاغهن أنه سيكون هناك تأخير في استلام العمل لبعض الوقت بسبب عدم اعتماد الميزانية الخاصة بتوظيفهن، ولم يدر في خلدهن أن «بعض الوقت» هذا يعني أكثر من عامين ونصف العام من الانتظار القاتل بلا عمل ولا راتب ولا حرية في التنقل ولا العلاج، لا شيء سوى الوعود من هنا وهناك، حتى بلغ بهن التعب مبلغه، فلجأن إلى «الأنباء» لبث شكواهن وتوسلاتهن إلى المسؤولين، لعلها تجد طريقها عند أحدهم فيتحرك لإنهاء هذه المعاناة وينصفهن ويعيد لهن حقوقهن المسلوبة منذ عامين.
مشاكل متراكمة
ونظرا لخوف هؤلاء الممرضات من «انتقام» بعض المسؤولين، طلبن عدم إظهار صورهن وأسمائهن! ومن يلومهن في ذلك؟!تقول إحداهن، في الهند نضطر لتقديم مبالغ كبيرة تصل أحيانا لما يعادل 10 آلاف دينار إلى شركات متخصصة بتوفير عقود عمل إلى الكويت، وأنهن دفعن لهذه الشركات مبالغ طائلة من خلال الاقتراض من البنوك أو بيع ممتلكات أو رهن منازلهن، والآن يواجه أزواجهن وأقاربهن مشاكل كبيرة مع هذه الشركات بسبب عجزهم عن سداد المبالغ المستحقة منذ عامين.
وتقول أخرى، نحن ممرضات كنا نعمل في مستشفيات ولسنا حديثات التخرج، كان لنا دخل ثابت وحياة مستقرة، وكل ما أردناه هو تحسين مستوى معيشتنا من خلال العمل في الكويت، والآن نحن فقدنا حتى هذا الدخل المتواضع والحياة البسيطة التي كانت لنا وأصبحنا حبيسات سكن الممرضات بلا عمل ولا دخل.
كيف نعيش وكيف نعوض أسرنا وكيف نستعيد حياتنا التي فقدناها دون ذنب منا أو خطأ ارتكبناه؟ وتضيف بأنهن يواجهن الآن خطورة فقد رخصة العمل كممرضات بسبب توقفهن عن العمل طوال هذه المدة، وهنا يصبح مستقبلهن كله في خطر.
مأساة إنسانية:
إحدى الممرضات توفي زوجها في الهند وهي هنا في الكويت، علمت عنه بعد فترة، ولم تتمكن من زيارة أهلها والمشاركة في تلقي العزاء بوفاة زوجها، فهي لا تملك أي شيء.
وهناك عدد من الممرضات يتلقين أخبارا سيئة عن أبنائهن وأفراد من أسرهن بين فترة وأخرى، بعضهم يعاني من مرض والآخر لا يستطيع الذهاب للمدرسة بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم الدراسية.. إلخ، إنها سلسلة من المآسي الإنسانية التي تعيشها هؤلاء الممرضات وأسرهن بلا ذنب.
والأسوأ من هذا أنهن بحاجة لرعاية طبية، لكنهن غير قادرات على الحصول على الرعاية الطبية من مستشفيات ومستوصفات وزارة الصحة - رغم أنهن ممرضات - بسبب عدم وجود بطاقة مدنية، لأنهن أصلا لم يحصلن على الإقامة حتى الآن!
دور السفارة الهندية
وعند سؤالهن عن دور سفارة بلادهن في رفع هذه المعاناة وإيجاد حل ينصفهن ويعيد لهن حقوقهن، أجبن: توجهنا للسفارة الهندية وبعد مماطلات كثيرة قابلنا السفير ووعدنا بمتابعة الموضوع مع المسؤولين، وقامت السفارة بإعطائهن مبلغ 50 دينارا لكل منهن لا أكثر.
وحول مطالبهن، قالت الممرضات الهنديات ان مطالبهن محددة بالتزام وزارة الصحة بتعيينهن كممرضات حسب العقد المبرم، وتعويضهن عن فترة الانتظار حيث لم يتلقين أي رواتب عن الفترة الماضية دون تقصير منهن، وناشدن عبر «الأنباء» وزير الصحة الشيخ د.باسل الصباح التدخل وإنهاء معاناتهن والنظر بعين العطف والرحمة لمأساتهن ومأساة أسرهن، فقد تراكمت عليهن الديون وتحطمت الفرص أمام أبنائهن وضاقت عليهن سبل الحياة نتيجة الحرمان من العمل والدخل في الكويت والهند أيضا، وبسبب أمور إدارية ومالية لا علاقة لهن بها.
السفير ساغار: نتابع مع «الصحة» حل المشكلة
قامت «الأنباء» بتوجيه سؤال عن مأساة الممرضات الهنديات للسفير الهندي في الكويت ك. جيفا ساغار، والذي قال إن العلاقات بين الكويت وبلاده ممتازة وأن في الكويت حوالي مليون هندي يعملون ويحصلون على رعاية كاملة وكل حقوقهم، وأنه من المتوقع وجود بعض المشاكل هنا أو هناك بين فترة وأخرى، وأن هناك قنوات قانونية معتمدة لحل هذه المشاكل، وأنه يبحث هذه المشكلة مع المسؤولين في وزارة الصحة وأكد أن هناك حلا قريبا لهذه المشكلة.
كما أكدت الممرضات أنهن توجهن أيضا لجمعية التمريض الكويتية وقمن بشرح موضوعهن، إلا أنهن لم يحصلن على أي اهتمام ولا مساعدة من أحد.