كان جليبيب رضي الله عنه، رجلا من الموالي الذين استجابوا لنداء الله ورسوله، فأسلم، وحسن إسلامه.
ولقد بلغ من حب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لجليبيب، انه خطب له بنفسه امرأة من الانصار، فتأبى أبواها، فقالت لهما:
أتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم امرا؟ ان كان رضيه لي زوجا فقد رضيته، فرضيا، وزوجاها لجليبيب.
ولم يطل المقام بجليبيب بعد زواجه حتى دعا داعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للجهاد، فاندفع جليبيب يلبي النداء.
فلما انجلت المعركة عن نصر مؤزر للمسلمين، طفق الرسول القائد يستطلع احوال جنده، ويتفقد جرحانهم وشهداءهم، فسأل اصحابه:
هل تفقدون من أحد؟
قالوا: بلى يا رسول الله، نفقد فلانا، وفلانا، وفلانا.. فأعاد الرسول القائد السؤال.
قالوا: بلى يا رسول الله، نفقد فلانا، وفلانا، وفلانا، وظل يكرر سؤاله: والمسلمون يجيبونه حتى لم يبق بين المسلمين من يفتقدونه.
فقالوا: لا نفتقد بعد الآن أحدا يا رسول الله.
فقال الرسول القائد: اما انا فأفتقد جليبيبا، هلموا معي نبحث عن جليبيب.
فانطلقوا فإذا بجليبيب ينزف دما غزيرا، وقد فاضت روحه الى بارئها.
ونظروا، فإذا من حوله سبعة من صناديد الكفار قد جندلهم قبل ان يردوه شهيدا في سبيل الله.
ووقف الرسول القائد فوق جسد جليبيب يدعو له بخير، ويقول: جزاك الله خيرا جليبيب، قتلت سبعة قبل ان يقتلوك، ثم وضعه على ساعديه وهو يقول: هذا مني، وأنا منه.
ثم امر فحفر له، ووسده الرسول القائد في قبره بيديه الشريفتين، رضي الله عن جليبيب وأرضاه.