إعداد: شافعي سلامة
أضيف إلى المكتبة الكويتية والعربية أخيرا كتاب توثيقي ثري بالمعاني والصور يحمل بين دفتيه عبقا من نفحات الماضي الجميل، «النوخذة علي ناصر النجدي كما عايشته» كتاب للمؤلف ناصر حسين النجدي يقتفي فيه أثر جده النوخذة علي النجدي ويوثق لمراحل مختلفة من حياته، ذلك الرجل الذي كان علما من أعلام السفر والغوص وشق عباب البحار شرقا وغربا بسفينته «بيان» فارتاد السواحل الأفريقية ونقل المسافرين والبضائع من ميناء إلى آخر بكل عزيمة وجرأة ودراية وبفن القيادة والريادة.
يتناول الكتاب الذي يأتي في 90 صفحة من القطع المتوسط مراحل حياة النوخذة علي ناصر النجدي بدءا من بداياتها المبكرة بل حتى قبل ذلك عندما هاجرت الأسرة من نجد بالمملكة العربية السعودية فاستوطن بعضهم بلدة الحصون وتولوا إمارتها وتوجه فرع آخر إلى بريدة في حين جاء والد النوخذة علي إلى الكويت، بعد ذلك يتطرق إلى مولده حيث رجح أن يكون ذلك ما بين 1905 و1910 ونشأته في منطقة شرق مقابل البحر ثم تناول بعد ذلك بعض المعلومات عن حياته الاجتماعية.
يذكر المؤلف أن النوخذة علي بدأ العمل في البحر في سن الـ 13 وسرعان ما اكتسب الخبرة اللازمة لقيادة البوم «بيان»، وهي السفينة التي أشرف بنفسه على جلب أخشابها من الهند إلى الكويت وصناعتها على يد القلاليف والاستادية وهو الذي حدث في العام 1937.
بعد طرح لمحطات عمله في البحر والسفر والنقل تطرق المؤلف إلى اللقاء بين النوخذة علي النجدي وآلن فلييرز البحار المحترف والمغامر والمؤلف والمصور الفوتوغرافي والسينمائي الاسترالي، والذي عمل على توثيق رحلاته ووجوده على السفن الكويتية وغيرها بالصور في كتاب أسماه «أبناء السندباد»، هذا الكتاب الذي خصص له المؤلف جزءا من كتابه والذي وصف بأنه «كتاب ليس له نظير في تاريخ السفر الشراعي الكويتي والخليجي» حيث وصف أحوال السفر في ذلك الوقت، والأهم أن تناول وضع النواخذة وكيف أنهم كانوا يتحملون من المسؤوليات والهموم أضعاف ما يتحمله قبطان السفينة التجارية العادية.
بعد ذلك يتناول الكاتب انتهاء العمل البحري التجاري بالسفن الشراعية في الكويت مع بدء ظهور النفط في العام 1938 وبدء التصدير سنة 1945 وهو ما أدى بالنوخذة علي النجدي، مثل الكثيرين من أقرانه، إلى اللجوء للعمل التجاري وبعدها افتتح مطعما في منطقة الفحيحيل، كما تطرق الكتاب ايضا إلى جوانب من حياة النوخذة علي النجدي وميوله وهواياته وبعض الأحداث المثيرة والطريفة التي واجهته ثم بعض ملامح شخصيته وكيف كان حنونا ولطيفا وحريصا على التأنق في الملبس.
ذكر المؤلف أيضا عودة النوخذة علي إلى السفر البحري مرة أخرى منتصف السبعينيات وتكلم في كتابه عن ولعه بالصيد البحري، ليأتي بعد ذلك إلى النهاية الحزينة بل المأساوية التي فقد فيها النوخذة علي ناصر النجدي خلال رحلة صيد مع أحد رفاقه في حين نجا الثالث بأعجوبة.