ذكرى الاحتلال العراقي أقوى من النسيان
ثمانية عشر عاما مرت، وكلما حل تاريخ الثاني من أغسطس نزف الجرح مجددا لنشعر معه بألم الطعنات، ونستذكر أحقادا تربصت بنا، ليس من منطلق إعادة نكء الجراح، بل استنادا إلى قوله تعالى (وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
أحداث كثيرة هزت وجدان العالم منذ 1990 الى اليوم، لكن يبقى أفظعها وأشدها هولا احتلال الكويت، لأن العراقيين أرادوا محو شعب كامل وبلد فاعل في المنظومة الدولية من الخارطة.
تعالينا على الجراح، استقبلنا رفات أسرانا الأبرار واحتسبناهم شهداء عند الله، فتحنا صفحة جديدة مع جار الشمال، مددنا أيادينا لمساعدتهم في التخلص من ديكتاتورهم، تعرضنا بين الفينة والأخرى لهمجية الاعتداءات الحدودية، وقابلنا الإساءة بالاحسان، طالبنا ومازلنا نطالب بأفضل العلاقات التي تحـفظ كرامة وحـقـوق البـلدين، لـكن كل ذلـك لا يعني ان نلغي صفحة سوداء عصفت ببلدنا وحاولت طمس هويتنا والغاء تاريخنا ومحونا من الوجود أرضا وشعبا.
ان استخلاص العبر من التطورات مع العراق طوال الثمانية عشر عاما الماضية يجب ان يشكل ركنا أساسيا وقاعدة في بناء وفهم طبيعة العلاقة التي يجب ان يصل إليها البلدان، لكن على أساس أننا لم نكن نحن من زرع العداء، ولم نكن نحن من صنع الجفاء، ولم نكن نحن من أضمر السوء، ولم نكن نحن من حمل خنجر الغدر.
مما لا شك فيه ان الحلول الناجعة للمشاكل وتذليل الصعوبات التي تواجه أي بلدين متجاورين هي قنوات تصب في خانة قيام علاقات صحية بينهما، لكن تصحيح العلاقات او تصويب مسارها لا يعنيان بأي وجه من الوجوه ان ننسى التاريخ ونتنكر لما جرى في يوم 2/8 الأسود.
ومن هذا المنطلق، قد نتفهم موقف حكومتنا في حصر ما جرى وتصويره وكأنه انفجار لأطماع «صدّامية» في أرضنا، من باب الانفتاح والمجاملة، وحصر المسؤولية في المقبور صدام وزبانيته، لكن نظرة بسيطة الى التاريخ ستذكرنا بأن أطماع صدام ما كانت إلا انعكاسا لأطماع أسلافه ممن تعاقبوا على حكم العراق، وهنا تقع المسؤولية الأهم على عاتق حكام العراق الحاليين والمستقبليين في عدم إظهار النوايا الشريرة نفسها، والتي لم تكن «صدّامية» فقط بل عراقية!
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
الصفحة الأولى في ملف ( pdf )