عدنان فلاح الشمري
كلنا تابعنا ما أثاره أمين سر حركة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي على قناة الجزيرة الإخبارية، من وثيقة تتعلق بمقتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات وما تلاها من ردات أفعال.
شخصيا لم أفاجأ بما أثاره قدومي من معلومات وذلك لعدة أسباب، أولها المراكز التي يتبوأها ومنها أنه رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين سر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، مما يجعله مطلعا على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالشأن الفلسطيني. وأيضا لقربه من مراكز اتخاذ القرار منذ فترات طويلة ومعاصرته للرئيس السابق عرفات، واطلاعه على جميع الملفات المتعلقة بالمفاوضات والسياسات الخارجية. وثالث الأسباب هو إصرار قدومي على البقاء خارج الأراضي الفلسطينية وبعده عن السلطة، مما يجعلني أعتقد أن هناك أشياء كثيرة يخفيها هذا الرجل، وأن هذه الوثيقة ما هي إلا نقطة في بحر مما يعرفه من أسرار وخفايا تتعلق بالقضية الفلسطينية.
ولا ننسى الحديث عن الخلاف بينه وبين الرئيس الحالي للسلطة محمود عباس، وعن معارضته لاتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات ومفاوضات. أيضا علينا الرجوع بالذاكرة إلى الوراء، حينما تمت محاصرة ياسر عرفات في رام الله إلى أن توفي في ظروف صعبة ولم يسمح له بالسفر للعلاج إلا قبل وفاته بأيام رغم إصابته بمرض غامض.
ولكن علينا أن نتساءل عن السبب الذي دفع قدومي لإظهار هذه الوثيقة في هذا التوقيت، والتي ذكر فيها أن الرئيس الفلسطيني ـ المقتول بحسب الوثيقة ـ ياسر عرفات قد أودعه إياها قبل وفاته، فهل هي صحوة ضمير؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه صراعا خفيا بين عدة أجنحة داخل حركة فتح، خصوصا ونحن نعلم أن هناك اجتماعا يحضر له تحت عنوان مؤتمر فتح السادس، أم أن الأمر هو فعلا كما أشار قدومي في لقائه إلى أنه آثر التأكد من صحة هذه الوثيقة، ولكن هل التأكد من صحة هذه الوثيقة يستغرق كل هذه السنين؟ الوثيقة التي أفصح عنها قدومي عبارة عن محضر اجتماع بين محمود عباس ومحمد دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شارون وضباطا من الاستخبارات الأميركية.
وتشير الوثيقة إلى تآمر من جانب عباس ودحلان مع شارون للتخلص من الرئيس الفلسطيني وقتله مسموما، كما تتحدث عن التخلص من قيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة مثل حماس والجهاد وكتائب الأقصى.
والمتابع للوثيقة يستشعر من خلال قراءتها أن هناك تنسيقا أمنيا معقدا بين هذه الأطراف، وأن السلطة الفلسطينية عبارة عن أداة تدار من خلال إسرائيل من أجل إنجاح أهدافها.
لا نعلم ماذا كنت تقصد بنشرك لهذه الوثيقة يأبو اللطف؟ ولكن نسأل الله أن يلطف بالشعب الفلسطيني، فإذا صحت هذه الوثيقة فذلك يعني أن كل من ذكر اسمه فيها يجب عليه الابتعاد نهائيا عن الساحة السياسية الفلسطينية بعد أن يحاسب حسابا قاسيا من الشعب الفلسطيني.
كما أن قدومي يجب أن يحاسب ويساءل عن سبب سكوته كل هذه السنين، فنشره لهذه الوثيقة لا يعفيه من المساءلة.
كما أن الإفصاح عنها يحرج الكثير ممن دافعوا عن محمود عباس بصفته الرئيس الشرعي الوحيد للفلسطينيين إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، بل ذهبت بعض الحكومات إلى رفض الاعتراف أو السماح لفصائل المقاومة بالحضور إلى مؤتمر القمة العربية في الدوحة منذ أشهر ولو حتى بصفة مراقب!