الشعب المصري كان حتى وقت ليس بالبعيد تحسده الشعوب العربية بل والعالمية على سعادته، وتميزه بخفة الظل والمرح وروح الفكاهة، فكان يقال «المصري ابن نكتة»، لأنه منذ القدم فتح عينيه عليها وتربى معها، يبتكرها ويتناقلها بحرفية ومهنية يحسد عليهما، حتى أصبحت النكتة في مصر صمام أمان ينفس بها المواطن عن ضغوطه ومعاناته التي تعلم بلعها وهضمها بمساعدة نكتة أو اثنتين، وهي أيضا مؤشر لمعرفة القضايا التي تشغل باله وتفكيره ووسيلة بسيطة لجس نبضه، والشيء الوحيد الذي يدعو للتفاؤل في نكات المصريين أنهم لا يزالون قادرين على السخرية والضحك، حتى في أحلك الظروف.
ولكن - وما أدراك ما يأتي بعد كلمة لكن - فجأة وبفعل فاعل انقلب حال المصري إلى النكد والكآبة وسيطر على سلوكه عنف مفاجئ، نتج عنه انتشار جرائم غريبة عنه في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية سيئة.
وبالتالي لم تكن مفاجأة أن يصدر معهد عالمي مثل «جالوب» قائمة لأكثر شعوب الأرض سعادة في 155 دولة، ويأتي الشعب المصري في ذيل القائمة والذي تغنى بخفة دمه ومرحه المطربون والمطربات من السيدة ياسمين الخيام وحتى نانسي عجرم، وتقدمت عليه شعوب كثيرة بل جاء بعد دول مثل جيبوتي وبنين ومالي وموريتانيا وتوجو وبورما ومدغشقر وبنجلاديش وبوتسوانا وغينيا ومالى وزامبيا ولاوس. يعنى أن شعوب تلك الدول أكثر رضا وسعادة من الشعب المصري «الأسمر أبو ضحكة ترد الروح» اللي كنت «تعرفه من بين مليون إنسان» على رأى الست ياسمين.. شفتوا الكارثة والمصيبة.
وبذلك، تنازل المصريون بفعل فاعل عن عرش الفرفشة والضحك، ولم يعد المصري «واد ابن نكتة».
فمن المسؤول عن كآبة المصريين ؟ وكيف ضاع الشعور بالرضا والقناعة والسعادة؟
[email protected]