تقول على لسانها: عندما تقدم للزواج مني، كان صريحا مع أبي عن وضعه المادي، خاصة بعد أن انفصل عن زوجته، ثم أخبرني والدي عما جرى بينهما، وترك لي المجال للتفكير بالأمر، والرد بالموافقة أو بالرفض، خاصة أنني مطلقة أيضا، ثم قلبت الموضوع رأسا على عقب، وبعد فترة من الوقت، خرجت بقرار فاجأ الجميع وقلت لهم: وافقت على الزواج منه، ولكنني لا أريد المهر أن يكون مالا، ولكن أريد فقط أن يكون مصحفا! ورغم استغرابهم من قراري هذا إلا انني لم أجد أي معارضة من أسرتي أبدا.
وتضيف كم أنا سعيدة لقراري هذا، وأثبت لنفسي أن المال لا يصنع الحظ، وأن النفس يمكن أن تروضها عندما يصبح ايمانك بالله أقوى، وقناعتك بأنه الرازق الكريم.
انتهى كلامها معي في هذا الجانب. وكانت لحكاية زواجها هذه جوانب أخرى تستحق تسليط الضوء عليها، ولكنني آثرت اليوم أن أسلط الضوء على بعض الحكايا التي سمعتها من قريبات أو صديقات، بخصوص موضوع المهر المقدم لهن، حيث أخبرتني أخرى أن أحد أقربائها تقدم للزواج من فتاة يحبها، وهو لا يملك سوى راتبه المتواضع، وعندما استقبله والدها رحب به وزوجها إياه، ولكن المفاجأة غير المتوقعة أن تقوم أسرة الفتاة وحدها، بتأجير شقة لهما، ويتم تجهيزها بالكامل من أثاث وأجهزة كهربائية وغير ذلك.. إلى عود الكبريت كما تقول، وكانت مفاجأة مذهلة للزوجين أعطت للزوج نظرة تقدير واحترام أكبر لأهل الزوجة. وأخرى تقول: تقدم لي أحد الرجال الثقات للزواج، وكان متزوجا وكنت أرملة، وعندما أخبرني بأن وضعه المادي صعب للغاية، فكرت بأن المرأة في حالتي تطلب الستر والعفاف، وليس هدفها الأساسي المال، ثم قمت بسحب كل رصيدي في البنك وقدمته بين يديه، وقلت له هذا مهري، اذهب وقدمه لأهلي. أما الأخيرة فتعترف بأنها بعد تجربة طلاقها البائسة، تقدم لها رجل طيب ولكن لا يملك سوى ربع راتبه، لكثرة الديون التي يحملها على عاتقه، ورغم ذلك وافق بأن المهر الذي أريده سيكون تحت أمري، ولكنني فاجأته بأنه لو قدم لي ربع دينار فسيكون عندي كالألف.
أحيانا نستغرب من بعض القصص الحقيقية، ونعتقد أنها من نسج الخيال، بينما أبطالها حاضرون بيننا، ويتمتعون بحياة سعيدة ومستقرة، يحسدهم عليها ملوك الأرض، لأن هدف كل طرف منهما هو الاستقرار الروحي قبل كل شيء، وأن المال يذهب ويأتي، ومن قدم دينارا أو مليونا، هو في النهاية قرار يتخذه بملء إرادته، وقدرته المادية على ذلك، ولكن هناك هدفا آخر لهذا الموضوع، وهو مقولة أن المهر في بعض الأحيان يكون عثرة أمام زواج الشباب، بينما نغفل عن المشاهد المشرفة، لزيجات ناجحة كثيرة، منها ما بدأت بمهر من القرآن، إلى مهر بقيمة ربع دينار، هنا في بلد الخير الكويت.
[email protected]