قالت لي إحدى قريباتي: منذ أيام توجهت إلى ثانوية ابنتي، وقابلت معلمتها والتي فوجئت بحضوري، وواجهتها بالموقف الذي حصل بينها وبين ابنتي، عندما شتمت طالبات فصلها وقالت لهن «انتوا بنات غير متربيين» وردت عليها ابنتي قائلة: «لو سمحت احنا ما نسمح تتلفظين علينا بهالكلام»، واعتبرت ردها هذا من قلة الأدب، وطول اللسان.. عندها وقفت عند هذه النقطة لنتناقش عليها، وقلت للمعلمة نفسها، لو في يوم بلغني انك اشتكيت من ضعف ابنتي في المادة الدراسية، فسأقول لك انها (قدرات) وأنا لن أتردد في إيجاد الحل المناسب لتقويتها، ولكن عندما يصلني بأنك اتهمت ابنتي وباقي الطالبات بأنهن غير متربيات، فأنا هنا سأوبخ ابنتي إن لم ترد عليك، لأنك بذلك طعنت في تربيتي لها، وباقي الأمهات.
وأكملت متسائلة، إلى متى لا يعرف المعلم أنه يؤدي رسالتين مهمتين في موقعه هذا، ألا وهما رسالة التربية ورسالة التعليم؟ ومتى يستطيع الطالب أن يرد على معلمه دون أن يظلم أو يعاقب؟
هذا الموقف الذي ذكرته لي قريبتي، ذكرني بآخر نقلته لي إحدى الفتيات اللاتي تركن تعليمهن ولم يكملن سن الثامنة عشرة، حيث أخبرتني بأن معلمتها كانت السبب في تركها للمدرسة، وذلك عندما لاحظت ضعفها في المادة، وحدث حوار حاد بينها وبين الطالبة، ثم صرخت في وجهها قائلة «انت الظاهر أبوك ما رباك عدل» وكانت الطالبة يتيمة الأب منذ كانت في الخامسة من عمرها، فانهارت باكية ومحطمة، وأقسمت أنها لن تعود للمدرسة، وحدثت نفسي حينها، عن شعورها اتجاه تلك المعلمة، التي وضعت نهاية للمستقبل التعليمي لفتاة في مقتبل العمر، بينما هي ظلت تترقى سنة بعد أخرى، دون حدوث خدش في مسيرتها المهنية!
وطالب آخر حكت لي والدته انه أصبح يعاني من الخجل ولوم الذات وانتقاصها، بسبب إهمال المعلم لطلبه المتكرر، للذهاب إلى دورة المياه، حتى ضعفت قدرته على التحكم في نفسه، وفعلها على ملابسه، وصار سخرية بين الطلبة. وللعلم مثل تلك الحكاية تتكرر كثيرا مع أبنائنا وبناتنا الصغار في المدارس، وهنا تساؤل يفرض نفسه، من سيخلص هذا الطالب وغيره ممن مرت عليهم أزمة كهذه، ويعيد ثقتهم بأنفسهم؟ وهل على الطالب في هذه الحالة أن يخرج عن طاعة المعلم، ويذهب إلى دورة المياه لينقذ نفسه من الحرج؟ وكيف ستكون ردة فعل معلمه لو فعل ذلك وألغى كلمته؟ أترك هذه الإجابة لمعلمينا ومعلماتنا الأفاضل.
الكثير والكثير من المواقف السلبية المؤلمة التي رأيتها بعيني أو سمعتها، وتحدث بين فينة وأخرى بين المعلم والطالب، قد يتطاول فيها الطالب على المعلم استهانة لشخصه، وانتقاصا لمكانته، أو يستغل فيها المعلم موقعه فيسب الطالب في تربيته ويسخر من قدراته، رغم القوانين الواضحة التي وضعتها الوزارة لخدمة مسيرة التعليم في الكويت، وهذا ولا ذاك يمكننا أن نقبله أو نرضى به، فللمعلم مكانته وفضله، وللطالب احترام عقليته ووالديه، وتبقى المدرسة البيت الثاني والأسرة المكملة في حياة كل مجتمع متحضر، لأن رسالة التعليم وأهدافه أكبر وأوسع وأشمل مما نراه أو نتوقعه، لذلك عندما سمعت من قريبتي معالجتها للموقف الذي حدث بين المعلمة وابنتها، قلت لها: خيرا فعلت، فعلى المعلمة أو المعلم أن يزن ما يود قوله قبل أن يتفوه به، وإلا للطالبة أو الطالب الحق في الرد على شتم المعلم، ليأخذ هو أيضا درسا في كيفية احترام ذوات الطلبة ومن ربوهم.
[email protected]