قد يكون أهم وأخطر سؤال يوجهه الإنسان إلى نفسه هو «ماذا أريد؟» فحينما يطرح شخص ما هذا السؤال على ذاته ولا يجد الإجابة عنه، فإنه قد ينحني به المطاف إلى طريق خطر واختيار فاشل ومضر، فالحياة التي نعيشها تحتاج منا إلى خريطة جغرافية نرسمها بإتقان، وبوصلة آمنة نتبع اتجاهاتها، فأغلب الذين لا يدرون ماذا يريدون؟ ولماذا هم يعيشون؟ فإن الإحساس بقيمة الذات يتجه إلى الأسفل ويقل، وأقرب فكرة تطرأ على العقل، عندما يجد الإنسان أنه لا شيء، وأن وجوده لا يشكل شيئا فهو أمام فكرة الموت، وأسهل اختيار له في هذه الحالة هو الضياع.
المصيبة الكبرى أن كثيرا من شبابنا وحتى كبارنا، عندما تسأله ما هدفك في الحياة؟ وماذا تريد من نفسك؟ تجده يحتار في الإجابة، وربما يجيبك عن أشياء مادية يسعى إلى شرائها، أو شهادة يعلقها، ولكن ماذا بعد شراء هذه الحاجة، والحصول على تلك الشهادة؟ السؤال الذي يقول ماذا أريد؟ أو بمعنى آخر ماذا تعرف عن نفسك، وماذا تريد أن تحقق من أهداف وإنجازات؟ فمعرفة الذات هي الأصل، وعلى أساسها نجيب عن «ماذا أريد؟».. فكلنا خلقنا لهدف، وأغلبنا لا يعرف ما هذا الهدف، وعندما نعلّم أبناءنا أننا خلقنا لنعبد الله وحده، فإن إعمار الأرض هو رسالة كل مؤمن، ولكل إنسان بصمة مختلفة، وطاقة ترتفع مع ارتفاع الهمة، وعندما تتحد الطاقات والجهود، وتتفرع الأحلام، فإننا بذلك نبني أوطانا ونعمرها بعقلية الإنسان الواعي والطموح.
برأيي الخاص مثلما نضع مناهج مختلفة لأبنائنا في المدارس، من المواد العلمية والأدبية، يجب أن نضع لهم منهجا يزرع فيهم قيمة الحياة التي وهبها الله لهم، وميزهم عن باقي المخلوقات، وأن وجود كل واحد منا على هذه الأرض فيه حكمة، وعليه فإن حماية الذات من التخبط والضياع أول مهمة يجب أن يقوم بها الإنسان تجاه نفسه، وحينما يصح الفكر يقوى البنيان، وتصبح الإجابة عن سؤال «ماذا أريد؟ هي خطة واضحة وسهلة وناجحة لمسيرة الإنسان في حياته، فكل شخص يحمل اسمه واسم والده وعائلته، ولكم ما الذي يميزه عن باقي إخوته والآخرين؟
أخيرا، إن الإجابة عن من أنا؟ ومن أكون؟ وماذا أريد؟ ليست صعبة ولا معقدة، لأنها دليل على إحساس بقيمة النفس، وبقيمة الحياة التي نعيشها على سطح الأرض، ولنترك على أوراقها بصمة.
[email protected]