خلق الله الإنسان ونفى عنه صفة الكمال، أي إن كل إنسان تراه في هذا العالم هو ناقص بالضرورة فلا هو نبي مرسل، ولا هو ملك للقوة، ولا هو عبقري لا يفشل.
تستطيع أن ترى مركب النقص في حياتك المعيشية وتعاملاتك اليومية ابتداء من وجهك الذي تراه في المرآة كل صباح، وتحاول عبثا أن تتخلص من صفة النقص، التي هي أصلا جزء من تركيبتك الآدمية.
كما أن الخادم بليد، والطاهي غشاش، والسائق جاهل والرئيس متملق، والزميل كذاب، والصديق مناكف، وابن الجيران مخبول في عقله، حتى أقرب الناس إليك من زوجة وولد قد يضلانك عن السبيل، ويمنعانك من الخير، قال تعالى (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم).
كل أولئك النفر السالف ذكرهم، يمثلون نزرا يسيرا من نواقص بني الإنسان، على اختلاف لهجاتهم وألوانهم.
لذا يجب أن تعقد صلحا مع كل نقائصهم ونقائضهم السلوكية والعقلية والنفسية، وأن تعتاد على ذلك، وتتكيف مع كل صفة ناقصة فيهم، بحيث تتعايش مع عيوب الناس وضعفهم وبلادتهم واستخفافهم.
لا تفاجأ ولا تكترث إذا (انبرش) عليك صديقك المقرب وعنفك بأقذع الألفاظ أمام الحضور لسبب تافه، وذلك لأن الصفة الناقصة لديه حضرت بقوة وطغت «لسبب ما» على صفاته الحميدة، التي اعتدت أن تراها عليه.
وما أكثر حضور النواقص التافهة بين اقرب قريبين، وصف كل منهما الآخر انهما أجمل من أي أحد في العالم.
لا تحاول أن تجعل من نفسك كاملا خاليا من النقص وذلك بأن تشتم هذا لخطأ ارتكبه، وتلعن هذا لزلة اقترفها، وتقذف ذاك لجنحة فعلها، يقول ابو الطيب المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس شيئا ** كنقص القادرين على التمام
لا تحاول أن تصلح الكون بانتقادك للدول والمنظمات، وكيف يجب أن تكون، ولم تع نفسك من أنت وكيف يجب أن تكون.
مجمل القول:
إذا أردت أن «تريح رأسك» احشر صفتك الناقصة في زاوية المحاسبة المفضية إلى التصالح الذاتي، لتمتلك الثقة الكاملة بأقوالك وأفعالك وتستطيع حينها احتواء نواقص كل الكائنات الحية وتريح وتستريح.
@A_F9966