في كتاب الله عز وجل دوما يأتي النهي بصيغة التكرار مثال قوله تعالى (ويل يومئذ للمكذبين (15) ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17) كذلك نفعل بالمجرمين (18) ويل يومئذ للمكذبين) (19).
فنرى التكرار في الوعيد من باب توعية الذات بالردع والتوقف عن فعل ذات الشيء لكننا حين نبصر الجزاء والمكافأة نرى أنه لا يعقبها تكرار لأن ذلك سيفقدها بريق قيمتها ودافع الحصول عليها في النفس.
فحين نريد التوقف عن سلوك نجد التذكير بالنتيجة التي سنحصل عليها يجعلنا نقف عند حد معين حتى لو فعلناه لكنه سيكون مقننا.
فالتكرار بصيغة التنبيه يجعلنا في نظام نفسي صحيح، واضحة أمامنا النتائج وعلى معرفة جيدة بالدوافع.
وذلك هو المطلوب، فليس المغزى الا تفعل ذلك مجددا، بل أن يكون ليس هو الذي تريد أن تفعله.
من المهم أن نركز على صيغة حوارنا مع النفس فليس الكبت والزجر هو الذي سيجعلها تمتنع حتى لو امتنعت ستعود بكل قوتها لما كانت عليه.
الحوار الداخلي الصحيح يتضمن عبارات مثل لا بأس سأفعل ذلك.
والحوار السلبي يكون لا تفعل لن تنجح هذا حرام.
حتى فعل الخطأ لابد أن تجد له في نفسك سببا يقنعك عن عدم إتيانه.
فلتكن هناك رقابة ذاتية صحيحة، فلو جعلنا المقياس الحرام والحلال دون أن نتبع ذلك بالأسباب سنكون نفعل ذلك دون اقتناع فيصبح من السهل علينا أن نتأثر وأن نكرر.
علّم نفسك أن كل شيء في الحياة بميزان ليحدث توازن في الكون كله وان التمتع بوعي سليم يجعلنا في قرارة أنفسنا قادرين على أن نكون أقوياء أمام أي تحدّ نواجهه في الحياة، طبيعة النفس حرة حين نقيدها من الطبيعي أن تبني حاجزا ضد الاستجابة لكننا حين تحاورها وترغبها باليسر واللين ستطبع بما تقوله ويصبح نظاما تستجيب إليه.
إذا أردت أن تتوقف عن سلوك سيئ فلا تنعت نفسك بالسوء وإذا أردت أن تتحلى بسلوك طيب فانظر لطيبات نفسك وعززها.
بالممارسة نستطيع أن نغير كل شيء نراه مستحيلا وغير ممكن، فالنفس لديها مدة زمنية بعدها تبدأ بأخذ وضعية ما داومنا على فعله باستمرار حتى تصبح كأنها كانت عليه منذ سنوات.
الهين على النفس بكيف نرغبها دون زجر والصعب عليها فيما نعززه دون هدف.
كان أحد المراهقين يحصل على علامة جيد في التقدير العام لم تكن تلك النتيجة ترضي والده فظل على اهون سبب يغذي بداخله انه بلا فائدة حتى لو فعل الصح يسخف منه ويظل يشعره بانه لن يكون شخصا صالحا في حياته.
وحين انساق الابن خلف انفعالاته ورفض أبيه المتكرر له ارتكب جريمة كبيرة صدمت كل من حوله ومن كان يعرفه سألوه ما هو السبب أجاب: أبي، لقد كنت أريد أن يراني بهذه الصورة فهو ظل طوال حياته يرسمها لي.
لا تستخفوا بالعبارات التي ترددونها على مسامع الأبناء فهي ترسم طريقهم للغد وتحدد حوافزهم ودوافعهم أيضا.
Dr_ghaziotaib@