على وجه البسيطة وفي زوايا الحياة تجد الشخص الهين اللين وتجد آخر صعب المراس وتصادف الهادئ وتصطدم بالثائر الأرعن، وهناك الحكيم الذي يثريك بخبرته وحكمته وتتمنى أن يطول معه اللقاء ويستفزك السفيه بحماقته وسذاجته وتصادف في حياتك الحليم وفي نفس الوقت تتعامل مع الغضوب هكذا هي الدنيا تجمع في أرجائها خليطا من البشر وأجناسا من الناس تختلف ألوانهم وأشكالهم وأنماط شخصياتهم وأمزجتهم، فمن الحكمة والبصيرة احتراف التعامل مع هذا الخليط من الشخصيات، قال رسول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».
فحياتنا قائمة على شبكة من العلاقات الإنسانية، وتشكيلة من الأنماط الشخصية، وحتما من السهل التعامل مع الأشخاص المؤدبين الظرفاء لكن من الصعب التعامل مع أشخاص يتسمون بالفظاظة والرعونة، فلذلك نحتاج في صناعة الإنسان والارتقاء بالأوطان أن نتشرب فن التعامل مع الآخرين.
وهنا سأسلط الضوء على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي المراس الصعب، وخاصة عندما يكونون أناسا في حياتنا لا نملك معهم خيار القطع في العلاقة كشريك الحياة أو أحد الأقارب أو يكون الاحتكاك والالتزام معهم يوميا ومستمرا كرئيس أو زميل في العمل.
في البداية، لا بد أن نتيقن أننا مأجورون على التعامل مع الناس المزعجين وتحمل أذاهم وهم أشخاص يقتاتون على التقليل من شأن الآخرين وتجريحهم وإظهار سلبياتهم، دائما حيث إنهم يعتقدون أنهم دائما على صواب والآخرون هم المخطئون ولو دخلت معهم في جدال لساعات طويلة وقدمت لهم تبريرات كثيرة لن تتمكن من إقناعهم لأن مشكلتهم في ذاتك أنت، وأنت في نظرهم إنسان مذنب مهما قدمت من تبريرات.
لذلك لا بد أن تتمتع بلياقة نفسية عالية تحميك وتقف سدا منيعا أمام شراسة وإزعاج المزعجين وتغنيك عن اللجوء للأساليب الهابطة في منعهم من تجريح مشاعرك والتقليل من قيمتك، لا تدخل معهم في جدال لأن الجدال معهم عقيم، وتعود على تفقد ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك لأنهم حتما سوف يحاولون التقليل من تقديرك لذاتك، لا تجعلهم خصما لك ولا تحاول أن تغيرهم فلست مأمورا بتغيير الكون، استخدم استراتيجية «كبر عقلك» حكمة بليغة واستراتيجية عظيمة استقيناها من العقلاء وكبار السن يعني احمد الله على أن الله وهبك عقلا كبيرا يتفهم الآخرين وصدر رحيم يستوعب الكثيرين، ولا تلم نفسك في التعامل مع هذا النموذج من الشخصيات ذوي العقول الصغيرة والطباع الحادة والذين يظنون بأنفسهم أنهم مثاليون لا يخطئون، ودائما اللوم يقع على الآخرين، فالآخرون دائما هم المتهمون، «كبر عقلك» وأمسك بزمام الأمور ودع اتهاماتهم تمر مرور الكرام واحمد الله على عقلك الكبير وأكمل المسير فالدرب ما زال طويلا لمرضاة العلي القدير.
ebtisam_aloun@