الفكرة عن بلاد كيم جونغ أون مرعبة، ولعلها تفوق ما يصل إلينا من نزر يسير عن الأخبار الرهيبة التي تسرب من هنا وهناك وتجعل من فرائص السامع ترتعد من الفزع والخوف، فهي بلاد شبه معزولة عن العالم الخارجي وبصرامة العصور الوسطى أو ربما أشد، ومؤخرا تم إعدام رئيس الأركان لاتهامه بالفساد وتشكيل فصيل سياسي كما تزعم الأخبار.
ثمة أشياء جاذبة في كوريا الشمالية مقارنة مع ما هو حاصل في الكويت، فكوريا الشمالية تخلو من زحام الطرقات تماما، وذلك لقلة المركبات فيها واستخدام أغلبية السكان للمواصلات العامة، وهذا يعني تلوثا أقل واستثمار الوقت المتوافر من خلو الطرقات، كما أن السائق هناك لا يعاني من الضغط والتوتر جراء من لا يحسنون السواقة، وذلك لأن المتقدم للرخصة لا يحصل عليها إلا بعد جهد جهيد وتوثق تام من إجادته للسواقة عبر اختبارات عسيرة ولا مجال البتة للواسطة في شأنها، أما الكويت فمن اليسير جدا الحصول على الرخصة للكثيرين عبر الطرق التي «اعتاد» عليها الكويتيون والوافدون من بعدهم، ولا تتوقف مغريات الهجرة إلى كوريا الشمالية عند ذلك فحسب، بل إنها تتمتع بطرق معتمدة خالية من الحفر والتلف ولا تتأثر بالأمطار الغزيرة، فالمقاولون هناك يدركون جيدا عقوبة الغش في إنشاء الطرق والفنون البشعة في تطبيقها، أما في الكويت فقد أخرجت الطرقات عيوبها مع أول قطرة مطر وكان الله غفورا رحيما.
في كوريا الشمالية يخضع الجميع تحت سلطة القانون الصارم ولا يحاول أحد مخالفته حتى لو تسنى له ذلك، فالعقوبات لا رحمة ولا شفاعة حسنة فيها ولا سيئة، ويؤدي الكوريون الشماليون وظائفهم حسب ما هو مطلوب كالآلات تماما، إضافة إلى أن العمالة الوافدة فيها تكاد تكون معدومة ما خلا بعض البعثات الديبلوماسية والخبراء الذين لا غنى عنهم، أما في الكويت فالمواطنون يشكلون أقلية بجانب الوافدين والعمالة الهامشية والسائبة، ولا يزال دفق هذه العمالة مستمرا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الهجرة إلى كوريا الشمالية ربما يريح بعض الراغبين ممن يشتكون من المذكور آنفا، غير أن الهجرة إليها تكتنفها بعض المخاطر «الصغيرة»، فليس من المضمون الحصول على الطعام متى ما رغبت، وربما يدركك الموت جوعا في مواسم القحط والجفاف لندرة الطعام المستزرع، ولا يعد استيراده خيارا متاحا لظروف الاقتصاد المتعثر، وفي حالة نجاتك من الهلاك جوعا، فلربما تحين ساعتك نتيجة قنبلة نووية تسقطها قاذفة أميركية في ليل بهيم، أو لعلك تعدم لإلقاء عقب السيجارة في الطريق أو لكونك لم تنحن عند المرور بتماثيل الجد والأب والابن.
mohd_alzuabi@