هل يعقل أن يتحمل «الإسلام» وملايين المسلمين حول العالم تبعات قرار أحد المسلمين قاده تفكيره إلى بناء مركز إسلامي بالقرب من موقع برجي التجارة العالمي في نيويورك، ماذا لو كان هذا الإمام مخطئا، هل على بقية المسلمين أن يتحملوا وزر هذا الخطأ؟ الإمام فيصل عبدالرؤوف الذي يقف وراء بناء هذا المركز لديه وجهة نظر حول التقارب بين الأديان، وقد صرح أكثر من مرة بأن المركز ليس للمسلمين فقط، بل سيتضمن أيضا مكانا للصلاة للمسيحيين واليهود، كما أنه يريد من خلال هذا المركز أن يثبت حقيقة أن الإسلام لا علاقة له بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، فتلك الأحداث قام بها إرهابيون باسم الإسلام والإسلام منهم براء. لا شك أن هذه الأطروحات لها وجاهتها وربما لا يشكك أحد في حسن نوايا صاحبها، ورغم أن السيد عبدالرؤوف يستند إلى سماحة الدستور الأميركي الذي يعطيه الحق في بناء هذا المركز في ذلك الموقع بالتحديد، ورغم تأييد ومساندة كثير من الأميركان المخلصين لمبادئهم وقيمهم الإنسانية ودفاعهم عن هذا الحق، إلا أن كل ذلك لا يعفي السيد عبدالرؤوف من تبعات ما سيحدث حتى وإن تنصل هو من ذلك حيث صرح أكثر من مرة بأنه غير مسؤول عما سيحدث لاحقا، وكل ما نتمناه من السيد عبدالرؤوف أن يبادر إلى وقف حالة الاحتقان والغضب بين صفوف كثير من المواطنين الأميركان ممن يرون في هذا البناء في هذا المكان بالتحديد استفزازا لهم وجرحا لمشاعر عائلات ضحايا أحداث 11 سبتمبر، وهم بالمناسبة أكثر من 70% بحسب استطلاعات الرأي الأميركية، وعلى السيد عبدالرؤوف ألا يستغل تسامح الدستور لأن هناك في المقابل حقوقا دستورية أخرى قد يستغلها آخرون للإضرار بالإسلام والمسلمين كما حدث مع القس المجنون تيري جونز. كم سيكون جميلا لو خرج السيد فيصل عبدالرؤوف وأعلن للأميركيين بأنه يوافق على تغيير موقع بناء المركز الإسلامي ليس لأنه على خطأ، ولكن تقديرا للشعب الأميركي الذي ينتمي هو إليه، فيريح العالم من هذا الصداع ويوقف حملات العداء المتزايدة ضد الإسلام ويثبت للعالم أن الإسلام دين تسامح وقبول بالآخر، وفي النهاية المهم ليس البناء وموقعه بحد ذاته بقدر ما يحمل من رسالة دينية تخدم البشر وتحقن دماء الأبرياء.
[email protected]