محمد الخالدي
بغض النظر عن جدية التهديدات الأميركية أو الإسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية لأهداف نووية في إيران من عدمها، يبقى على الحكومة أن تأخذ الأمر على محمل الجد وتقوم بما عليها من واجبات استعدادا لأسوأ الاحتمالات، فأرواح البشر ليست محل تكهنات وتنظير وتحليلات سياسية قد تهون من تلك التصريحات حتى وإن بدت متناقضة أو غير معقولة، ولا ينبغي أن تتساهل الحكومة في هذه القضية وتتعامل معها على البركة، كعادتها في التعامل مع بقية المواضيع لأن ما سينكسر في حال حدوث حرب شاملة أو حتى ضربات إستراتيجية لمواقع محددة لن ينجبر ولن ينفع معه الندم، إذ لن يبقى أحد حينها ليندم!
المسألة واضحة ولا تحتاج إلى ذكاء خاص لفهم الأمور، إيران لديها برنامج نووي تقول إنه سلمي في حين تصر الدول العظمى على أنه ليس كذلك، وليست هناك أية بوادر لتنازل إيران عن طموحها النووي الذي تراه حقا مشروعا لها، في حين تراه إسرائيل ومعها أميركا - وبالتالي الأمم المتحدة - أنه تهديد مباشر وحقيقي لوجودها، إذن القضية محسومة مادامت إيران لم تعلن حتى الآن عن اكتمال البرنامج، فلن تقف تلك الدول مكتوفة الأيدي حتى تعلن إيران عن امتلاكها لصواريخ نووية وهي المرحلة التي تخشاها إسرائيل بالتأكيد.
ومن يشكك في هذا الأمر فعليه أن يقرأ التاريخ ويتأمل في تدمير المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات.
وفي كل الأحوال سواء صدقت مثل هذه التحليلات أو غيرها أم لم تصدق، فلا يغير ذلك من ضرورة قيام الحكومة بواجباتها لحماية المواطنين والمقيمين في الكويت.
غير أن من يتأمل في ممارسات الحكومة الغريبة وطريقة تعاطيها مع قضايا الدولة والتي تصيبنا بالإحباط والغثيان يجعلنا نشعر بالخوف والقلق من دور الحكومة، فكيف نثق ونطمئن الى أداء الحكومة في قضية حساسة وكبيرة وخطيرة مثل هذه والحكومة تستغرق عدة أشهر لتصدر قرارا صغيرا يتعلق بترحيل إجازة رأس السنة أو تأجيل العام الدراسي وغيرها من مئات القضايا الصغيرة والهامشية، فكم ستحتاج الحكومة من الوقت للتعامل مع قضية بهذا الحجم؟! كما أن المسألة هنا لا تتعلق بصراع سياسي وعنتريات صوتية وبالتالي لسنا بحاجة إلى سماع تصريحات جميلة ومنمقة وإنما إلى عمل جاد يجعل المواطن والمقيم على بينة من أمرهما ليطمئن الجميع، مرة أخرى لسنا بصدد قضية سياسية وتكسب شخصي، فهناك أرواح بشر معلقة في رقاب الحكومة، أما مجلس الأمة فنتمنى ألا تسير الأمور هذه المرة بنفس العقلية السابقة، فالموضوع مختلف تماما عن «إسقاط القروض» وزيادة الرواتب، لا نريد من نواب الأمة في هذه المسألة بالذات صراخا وكلاما كبيرا ورميا للمسؤولية بكل بساطة على الحكومة، فقط ثم التعلل بعدم التعاون والعبارات المكررة التي سئمها الجميع، نريد عملا حقيقيا يعيد الثقة للناس فلا مجال للتكسب الشخصي فالكارثة أكبر من ذلك، بالتأكيد كلنا ندعو الله العلي القدير أن يجنبنا أي مكروه غير أن الأمور ليست بالتمني ولا بد لنا من الاستعداد وبذل الجهد اللازم والمطلوب وإلا أصبح الأمر «تواكلا» وهو ما لا يريده أحد.