محمد الخالدي
وصلتني دعوة كريمة من «مجموعة صوت الكويت» لحضور احتفال الدستور الذي يقام مساء اليوم في ساحة الإرادة، وهو احتفال سنوي تنظمه مجموعة من أبناء الكويت الأوفياء في الذكرى السنوية لتوقيع دستور الكويت لحشد الهمم والطاقات والتذكير المتواصل بهذا الإنجاز الحضاري الكبير من أجل حماية مكتسباتنا الدستورية ككويتيين وتعزيز وتأصيل مفهوم الحريات الشخصية والعامة وغرس السلوكيات الديموقراطية الحقة عبر نظام تعليمي فعال كما جاء في أهداف هذه المجموعة الوطنية من خيرة أبناء الوطن.
وهو بلا شك عمل وطني كبير يستحق القائمون عليه كل الشكر والتقدير لما يحمله من جهود مباركة للدفاع عن الحريات والقيم الديموقراطية التي عرفها الكويتيون ومارسوها منذ ما يزيد على ثلاثة قرون، غير أن التراجع الكبير في هذه الممارسة من قبل الحكومة في الآونة الأخيرة والمتمثل في محاربة الرأي الحر وحق الناس في التجمع وكذلك من خلال الهدم المنظم للتعليم الفعال كونه أحد ركائز نشر الوعي الاجتماعي وثقافة التسامح واحترام حقوق الآخرين، حيث بات من الواضح للجميع مباركة الحكومة «للتخريب» المتعمد الذي يمارس في نظامنا التعليمي هذه الأيام كوسيلة للقضاء على الحياة الديموقراطية في الكويت، كل ذلك يدعونا إلى أن نقف صفا واحدا للدفاع عن تلك الحقوق بصورة حضارية.
عندما وضع المشرعون في الدستور مبادئ الحرية والمساواة كدعامات للمجتمع فإن ذلك لم يأت من فراغ، وإنما لشعور وطني وقراءة عقلانية للواقع والتاريخ وتجارب الأمم الأخرى حتى أصبحت هذه الأمور بمنزلة حقائق إنسانية لا ينكرها أو يتجاهلها سوى من لا يقرأ ولا يعي مسيرة التاريخ الإنساني.
ومن المؤسف أن تشهد الكويت التي كانت على الدوام منارة للحرية وإشعاعا للفكر الحر تراجعا في أهم القيم الديموقراطية نتيجة لضيق الأفق الذي أصاب الحكومة التي تريد أن تتحول إلى معول هدم بدلا من أن تكون مصدر بناء ونهضة وتعمير.
احتفال صوت الكويت بذكرى الدستور ليس مجرد لمسة وفاء ومراسم تكريم لمن قدموا التضحيات وقدموا للكويت هذا الدستور العظيم، بل هو واجب وطني ينبغي أن يشارك فيه كل أبناء الكويت ليؤكدوا حرصهم على مكتسباتهم الدستورية، وليعلنوا بصوت واحد أنهم لن يقبلوا في جميع الأحوال المساس بتلك المكتسبات، ولن يسمحوا تحت أي ظرف تعديل الدستور إلا لمزيد من الحريات والمكتسبات.
ومن هنا أستأذن القائمين على هذا المشروع الوطني العظيم أن أوجه الدعوة إلى جميع أبناء الكويت وخاصة الشباب منهم لحضور هذا الاحتفال الوطني والمساهمة فيه، خاصة أنه يركز هذا العام على قضيتين في غاية الأهمية تتعلق الأولى بالاحتفال بذكرى توقيع الدستور الكويتي في ساحة الإرادة، والثانية بمناهضة الرقابة على الكتب من خلال حملة «اقرأ ما تشاء» التي ستتزامن مع بدء أنشطة معرض الكتاب بعد أيام.
فإلى شباب الكويت جميعا، لنساهم في إشعال شمعة في طريق الحرية بدلا من هذا اللعن المتواصل للظلام.