محمد هلال الخالدي
بما أن حكومتنا «الرشيدة» تبحث هذه الأيام عن مخرج لبعض وزرائها من مواجهة الاستجوابات، وبما أن الاقتراح العبقري الذي أفصحت عنه الحكومة مؤخرا بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة حتى يصبح بإمكان الوزير المستجوب أن يفوض وزيرا آخر للرد على الاستجواب المقدم له لم يجد قبولا وأثار موجة من الضحك والسخرية وفضح عجزها، وجدت نفسي كمواطن صالح أفكر نيابة عن الحكومة المسكينة لإيجاد مخرج آخر يخلصها من هذه المشكلة العويصة دون أن تضطر إلى مثل هذه الاقتراحات «العبقرية». أولا الحكومة تقر وتعترف بأن لديها وزراء عاجزين عن مواجهة الاستجوابات والرد على أسئلة النواب «المبلتعين» لأنهم «ما يعرفون يتكلمون» (ولكنهم يعرفون كيف يخططون ويديرون الوزارة بالتأكيد، ربما بلغة الإشارة)، فإذا كان هذا هو واقع الحال وهذا هو أفضل الموجود عند الحكومة، فهذه استشارة مجانية أقدمها للحكومة (عسى يثمر فيها) بأن يقوم الوزير المستجوب (من فئة اللي ما يعرفون يتكلمون) بمغادرة البلاد في مهمة رسمية قبل موعد جلسة الاستجواب بيومين (علشان ما تبين السالفة وكأنها هروب) ثم يُكلف وزير آخر (من فئة اللي يعرفون يتكلمون) بالقيام بمهام الوزير المستجوب (اللي ما يعرف يتكلم)، فيصبح بإمكان الوزير المكلف (اللي يعرف يتكلم) مفوضا رسميا بالرد على الاستجواب نيابة عن الوزير الأصلي (اللي ما يعرف يتكلم) وهكذا تخلص الحكاية بـ «سبات ونبات» وتخلف الحكومة والمجلس «صبيان وبنات» إلى أن يفرجها رب العالمين وتنفك عقدة بعض الوزراء ويصبحوا قادرين جميعهم على الكلام.
أما إذا كانت الحكومة غير جادة في هذا الاقتراح ونيتها فقط اختلاق الأزمات من خلال إثارة مثل هذه المواضيع التأزيمية فالاستشارة المجانية لم تنته بعد، فلدي استشارة أخرى (فوق البيعة) بأن تقترح الحكومة إلغاء مادة الاستجواب نهائيا بحجة أنه يعطل مشاريع التنمية، ويمنع الوزراء من أداء دورهم، فبهذا الاقتراح ستضمن الحكومة دخول البلد بأكمله في دوامة الصراع السياسي المستمر لمدة 4 أعوام بلا توقف إلى أن تنتهي مدة المجلس، فينشغل الجميع بموضوع «ساخن» وبالمرة تجد الحركات السياسية الكثيرة والمحللون السياسيون والدواوين والمقاهي مادة دسمة يتلهون بها بعيدا عن وجع المشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية والمصفاة الرابعة والخامسة وغيرها، فما حاجتنا لهذه المشاريع أصلا والعالم بدأ إنتاج السيارات الكهربائية فعليا؟
حكومتنا ذكية جدا وتعرف كيف تخطط وتتكتك، علينا أن نعترف بذلك فيكفي أن ندرك أن الحكومة تغيرت 6 مرات أعادت خلالها نفس الوجوه دون أن تضطر إلى تنفيذ مشروع واحد ودون أن يتحمل أي من أعضائها أي مسؤولية سياسية. حكومة بهذه العبقرية والذكاء تستحق فعلا أن ننحني لها (لا تفهموني غلط).