ناصر الخالدي
من اجل الأجر والثواب يضحي النائم بنومته فيخلع ثياب النوم ويتـوضأ ليـركع ويسجـد ويستـغفـر ويشكر الله ثم يمشي في الظلام ويقطع المسـافات ليـدخل المسجـد ويصلي الفجـر مع المصلين فتهـدأ نفسه ويرتاح قلـبه، لكن هناك من يضحي بالنوم ويقوم من الليل آخره لا ليصلي ولا ليذكر الله بل ليشعـل سيجارته ويدخنهـا إلى أن تنتهي فيرمـيها على الأرض دون أي اعتـبار ثم يعـود إلى فراشه مـجهـد الصدر يلهث من شدة التعب وكأنه المريض الذي أنهكه المرض، ومن اجل الاجر والثواب يتنازل الإنسان عن بعض أمواله بإرادته ودون أن يجبره احد ليـقدمه للمحتاجين فيـربح أضعاف ما قدم لأنه أيقن المـضاعفـة، وعرف المعادلـة، في حين تجد من يشتري بأمواله الحرام، ويبذلها على الفاسدين، ويشجع بها الخربين وقد تجد من يبذل الأموال الطائلة فقط حتى يعرف الناس جـوده وكرمه ولا يزال الناس مـختلفين في الـغايات ولن يزول هذا الاختلاف إلى أن يرث الـله الأرض ومن عليها، فإذا تشـابه اثنان في الطريقة تجـد أنهما اختلفا فـي الغاية فهي الدافع الذي يدفع بنا إلى العمل والا فلماذا يصلي المصلي ويصوم الصائم؟ لذا سـيظل الناس مخـتلفين وسيظل هناك غـني وفقـير وابيض واسود وقوي وضعيف ومتـعلم وغير متعلم، ولن تزول هذه الطبقات لأنها إرادة الله وحكمته، فالغني يعطف على الفقـير ويواسيـه حتى تتآلف الـقلوب ويعرف الناس معنى الأخوة، والأبيض يصادق الأسود حتى تكون التقوى هي الفرق بينهما والقوي ينصر الضعيف حتى يعم السلام وينتصـر الخير على الشـر، والمتعلم ينشر العلم إلى غـير المتـعلم حـتى يكبـر شأن العلم ويـرتفع قدر أهله، فهـذه الطبقات التي نراها ونسمع عنها لها حكمة عظيمة، ولولاها لما كان هـناك خير وشـر، وكرم وبخل وظلـم وعدل، وهذه الفـروق التـي نراها بين الناس لا تزول، لكـن من الممكن أن نقـرب المسـافة مـا بين طبـقـة وأخرى فنعـيش في راحـة وهدوء، فالمشاكل منبعـها هذه الفروق التي تؤجج النفوس وتسبب العداوات وتنشئ الأحقاد، فنرى البعض ينقم على غيـره ما رزقه اللـه من النعم وان كان عنده من النعم أكثر ممن نقم عليـه، ولكنها الفروق والطبـقات التي سـببت لنا هذه الصراعات التي أقضت مضـاجعنا وجعلتنا نعيش في قلق واكتئاب، فما أحوجنا إلى الفـهم الصحيح لحقيقة هذه الطبقات التي نعيشها اليـوم كما عاشها غيرنا بالأمس وان عشناها اليـوم بهذه الهموم فـقد عاشها غـيرنا بالأمس في فرح وسرور.
لا تضق نفـسك بهـذا المجتمع الذي يحـاول البـعض تقسيمه لان هناك مجتمعـات لا توجد فيها طبقة وسط، إما غني وإما فقيـر ونحن ولله الحمد عندنا الوسط ،ولا تضق نفسك بهـذا الظلم الموجود لأنك تسـتطيع أن تتكلم على اقل تقـدير وتستطيع أن تعـبـر عن رأيك وتدلي بدلوك على أن هناك مجتمعات فيها القتل والتعذيب وفيها الظلم والتنكيل لمن عبـر عن رأيه، لا تضق نفسك بهذا المجتمع ولكن حاول أن تعطف عـلى من تحـتك حــتى يعطف عليك مـن فـوقك وتنصر من هو اضعف منك حتى ينصرك من هو أقوى منك، وحاول أن تعلم الناس مـا تعلمته حـتى يعلمك الناس ما لا تعلمه، ولا تغـتر بما تملك فليست هناك ثروة تعدل مـحبة الآخـرين وتقديـرهم لك، ولن تنالهـا بشيء مثلمـا تنالهـا بمطالبتك بتقارب هذه الطبقات.
جولة
هناك طاقات شبابية وكوادر وطنـية تحتاج لمن يعطيها فرصـة ويفتح لهـا المجال فلمـاذا لا نعتـمد عليـهم في بناء الوطن ورسم المسـتـقبل؟ لنـنظر جيـدا إلى هذه الطاقـات ونحتضنها قبل أن تحترق فـلا نشوه وجه الحياة بفيتامين الواو القاتل، ولا نـعطل أصحاب الهـمم العاليـة والنفوس السامـية عن تحقـيق أهدافهم من اجل إن يحظى بالوظيـفة من هو علينا عـزيز أو منا قريب.
لنجعل الـشخص المناسب في المكان المناسب ولنجعل الكفاءة هي المقياس.