ناصر الخالدي
عادة ما يبكي الناس على موتاهم وبعضهم يتجاوز البكاء الحالة النفسية العاطفية إلى أبعد وأخطر من ذلك حتى يصل إلى الاعتراض على قضاء الله عز وجل فتسمع منه من كلمات السخط والتذمر ما لا يطاق ولا يحتمل حتى صار الموت عندنا جميعا شبحا مرعبا أعوذ بالله من أن يحل بأرضنا لكن هذا الشبح آية تحمل في داخلها أسرار الحكمة وقد قرأت للدكتور صبري الدمرداش في كتابه للكون إله كلاما أعجبني يقول فيه لو ان ميكروبا واحدا من ميكروبات الكوليرا تكاثر بغير موت لأي من أفراده فإنه في غضون 30 ساعة فقط يملأ الأرض بكاملها بطبقة متصلة غير منفصلة في الهواء والماء واليابسة ولما عاش إلى جواره على الأرض مخلوق ولو أن زوجا من الذباب المنزلي تزاوج فتكاثر وتناسل بغير موت لأي من أفراده لأنجب من الذرية في عام واحد ما يقدر بنحو 6 تريليونات ذبابة ولما عاش إلى جواره على الأرض مخلوق.
هذا هو حال جنسين فقط من مخلوقات الله فكيف إذا لو كانت المخلوقات كلها تتوالد ولا تموت؟ أي كارثة ستحل بنا وأي مصيبة ستقع علينا لو أن البشر من آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لا يموتون فكم أزمة ستكون عندنا؟ غير أزمة المأكل والمشرب والإسكان والتوظيف وحقوق المرأة والبدون والقروض وصندوق المعسرين والمصفاة الرابعة سلسلة من الأزمات لا حل لها في تلك اللحظة إلا أن نتضرع إلى الله العلي القدير أن يلطف بنا ويرسل على تلك الجموع الباقية موتا يخلصنا من بقائهم.
والإنسان مع وجود الموت وحصوله فجأة تجده في كثير من الأحيان في غفلة ولهو وظلم واقتراف آثام وذنوب لا حصر لها ولا عد فكيف إذا أنعم الله عليه بحياة لا تنقطع ونفس لا تموت؟ يا الله وقتها ستصبح الحياة فوضى لا رأس لها ولا ذيل ولا قيم فيها ولا أخلاقيات وستزداد السرقات وعمليات السطو والنصب وحتى المشاريع الوهمية ستحقق الرقم القياسي ويصير لا اعتبار للضمير ولا معنى للانفعال والتأثير وسنعيش حياة لا تختلف عن حياة الحيوانات في الغابة القوي منا يأكل الضعيف وسيكون نصيب غالبية البشر أن يعيشوا في عذاب مستمر لهذا كله أقول الحمدلله الذي أوجد الموت حتى نعتبر نتذكر ونتعظ نكون صادقين بما نقول وما نفعل نخاف الله في كل شيء ونتذكر أنه مهما طال البقاء فلا شك بان الموت عما قريب سيدق أبوابنا فجأة بغير موعد وبغير استئذان تزول القصور وتتلاشى الأرصدة ويبقى العمل إما أن يكون صالحا يؤهلك إلى دخول الجنة وإما والعياذ بالله عمل غير صالح يؤهلك إلى غير ذلك اسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الصالحين.