ناصر الخالدي
والله لو كان الأمر بيدي ما غادرت مكة المكرمة، لكنها الحياة ومشاغلها والمدنية وقوانينها، وإلا فالأيام التي أمضيتها في تلك البقعة المباركة لا تنسى لأنها كانت من أحلى أيام عمري، فقد طويت صفحة من صفحات الملل وأصبحت أشعر بأن كل لحظة من حياتي إنما هي إنجاز وبذل وعطاء.
أقمت بين أهل مكة المكرمة أياما قليلة أفنيت معظمها في الحرم المكي فتعلق قلبي بكل بقعة في هذا البلد الشريف وأصبحت أغص لمجرد التذكر وتسيل الدمعات بعدها الدمعات إن تذكرت تلك اللحظات، ويزيد شوقي لما لقيته من كرم الضيافة وحسن الاستقبال وحفاوة اللقاء من الأشقاء هناك، فهل أُلام إن بكيت وتحسرت على الغياب الذي أجبرتني عليه ظروف الحياة؟ لقد عرفت في مكة معنى آخر للحياة ووجدت فيها شيئا لم أجده في كل البلدان التي زرتها في حياتي.
أما أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل فقد عرف بشاعريته المتدفقة وكلماته العذبة الفياضة ونظراته المعبرة وأسلوبه الشيق، فكل أمسية يقيمها تكون امتدادا لهدوء يحمل الكثير من المعاني السامية، وهكذا حتى صارت جموع من البشر تنتظر بفارغ الصبر الإعلان عن أي أمسية شعرية لهذا الصرح الأدبي والفكري الذي كان وبكل ما تحمل الكلمة من معنى مدرسة لا حدود لامتدادها.
وقبل أيام غطت معظم الصحف خبر الدعوة التي نقلها سفيرنا لدى الرياض الشيخ حمد جابر العلي من القيادة السياسية إلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لزيارة بلده الثاني الكويت، وكانت مناسبة تبعث على الفرح والسرور لقدوم هذه الشخصية الأدبية والثقافية والتي كان لها بصمة واضحة في ميدان الثقافة والفكر وبصمة أخرى في النهوض بمنطقة مكة، حيث أقيمت أضخم المشاريع وأكبر المخططات في منطقة مكة خلال توليه مسؤوليتها، فأهلا وسهلا ومرحبا بصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في بلده الكويت.