ما يحدث اليوم في المنطقة الإقليمية يشبه الكاميرا الخفية، أشياء كثيرة تدعو للتساؤلات، وأشياء أكثر تبدو غير منطقية وغير متوافقة مع العقل، فكيف بين عشية وضحاها تنقلب الموازين في العراق وينهار جيش ويتفوق مسلحون؟ وما هذه السذاجة التي تطلقها بعض وسائل الإعلام حول أن المسلحين يحصلون على التمويل من بيع الآثار؟ فهل تشتري قطعة آثار مهربة كل هذا العتاد المدجج بالدبابات والآليات الثقيلة؟ ومن أين جاء كل هذا العتاد؟ وما العامل المشترك بين توجهات علمانية يجسدها حزب البعث الذي يمثله حاليا عزت الدوري، وبين المتشددين الإسلاميين الذين يكفرون البعث؟، والأهم من كل هذا، ما الدور الحقيقي للدول العظمى في هذه المعمعة، فحتى الآن لا نلمس موقفا واضحا رغم تحرك البوارج في الخليج.
كل هذا يجعل المنطقة تعيش في قلق المجهول وتوتر المجهول، فلا أحد يستطيع حتى الآن تحديد طبيعة ما يحصل، ليس بسبب عنصر المباغتة الذي حدث، بل في التركيبة العجيبة لهذا الصراع وامتداداته المحتملة، والذي يبدأ بالتمدد الفكري أولا، أي حين يتقبل الأفراد فكرة التشدد في مناطق أخرى حتى تتشكل أرضية ممهدة لأي مفاجأة مستقبلية.
إن أخطر تنظيم في العالم هو الذي يتحول إلى فكرة ومن ثم تتحول الفكرة إلى قناعة، وفي هذه الحالة لا يمكن إيقافها عند حدود، فهي ليست حيزا ماديا يمكن ضبطه في المطارات أو عند الحدود، ولا هي ظاهرة للعيان حتى يمكن معالجتها، ويغذي هذا الفكرة أخطاء ترتكبها الحكومات في تعاملها مع الأطراف المختلفة، كما حدث في العراق.
نحن في الكويت معنيون تماما بما يحدث حولنا، ولذلك حرصت على أن أتناول هذا الموضوع مرتين بل يفترض اليوم أن يكون للإعلام الدور الأمثل في لملمة شملنا على كلمة واحدة كي نسد أي ثغرة يمكن أن تتسلل منها الفوضى.
[email protected]