كلمة «الكشتة» أصلها فارسية محرّفة من كلمة «بكشتة» يعني مزرعة. في سبعينيات القرن الماضي كانت طلعتنا للبر «الكشتة» أيام الجمع والعطل الرسمية فقط ونبلغ المكان المقصود قبل شروق الشمس لتشاركنا بطلتها سعادتنا وفرحتنا ببهاء الصحراء والاستمتاع ببرامج الكشتة حتى يسدل ستار الليل ويبسط جناح عتمته على صحراء الكويت. يحرص البعض على الوصول للبر قبل ساعة الضحى. قوام كشتاتنا كان متواضعا وبسيطا عبارة عن (خيمة صغيرة تنصب بين نباتات ورمال الصحراء، يرفق بها دورة مياه لا تتعدى مساحتها (متر في متر) مع تجهيزات بسيطة يتم استعارتها من أدوات مطبخ البيت لتحضير وجباتنا من الفطور الذي يحتل الرهش والحلوى والخبز الإيراني أولوية قصوى بل ومكملة لأدوات طلعة الكشتة ويزيدها حلاوة وطعما مميزا، ولوجبة الغداء يحتل المائدة «الموش ودقوس صبار وقليل من المعبوج» باعتباره عنوانا رئيسيا لكشتة زمان الذي تصل مدة مكوثنا أحيانا كثيرة إلى الاثنتى عشرة ساعة، ويتعدى حدود مكانها صخب المدينة وتلوثها السمعي والبصري ويلامس مواقع (كشتاتنا) أو يتعدى يال الزور والروضتين شمالا أو تجاوز منطقة الجليعة وملامسة حدود منطقة الخيران جنوبا. وتتصدر وسائل تسلية الأولاد هواية صيد الطيور عن طريق الأسلحة الهوائية (أم صكمة) أو القيام بصيدها عن طريق مصيدة للطيور «فخ أم شبك أو فخ عتره» وجلها انقرض ولحقوا بأدوات كشتتنا ولم نعد نراها ألا على أرفف وزوايا متحف بيت العثمان. هذا هو مفهوم الكشتة أيام زمان، البساطة في كل شيء، غايتها التحرر من المدنية وقيودها وشكليات الحضارة وتعقيدها، لتتفوق الأريحية في البساطة وإطلاق العنان للأصالة ولعاداتنا الاجتماعية الهاربة للخروج من سجنها وسجانها وبسط نفوذها على كل ما هو مدني وتتيح لوناسة كشتتنا العودة لسيرة الآباء والأجداد الأولى المتبرئة منا أو تبرأنا منها. أما في وقتنا الحاضر فقد اختلف الأمر لتصبح للكشتة مفهوم آخر في المكان والزمان.
المكان: شواطئ مخصصة للفنادق يتم التجهيز للكشتة وفق أفضل الاستعدادات الفندقية، يحدد أسعارها حسب أعداد الأفراد وإمكانياتهم المادية لفرض شكليات من التباهي والمظاهر الغربية التي لا تمت للكشتة بأي صلة فهي كشتة بمستوى كشخة فائقة التكاليف!
كما أن هناك كشتات تقل بغرابتها عن الطراز الأول تنظم وتقام على يال البحر على امتداد سواحل الكويت تظهر هذه الأنواع من الكشتات للآخرين بمظاهر واحتفال غريب الشكل جديد الأطوار فريد المصدر يقوم على تنظيمها شباب فسر عن ذراعيه وبينوا للجميع قدرتهم على تنظيم جديد دخل في ثقافة الكويت والكويتيين ومن يقيمون على أرضها من أوسع أبواب الحداثة والتطور لكن غير المقصود! وهناك كشتات تقام على باحات بعض المناطق الداخلية!
ومواقع يسمونها عيالنا مجازا «بر» لا تتجاوز عدة كيلومترات عن المناطق السكنية! ومواقع أخرى لا علاقة لها بمفهوم ومعنى الكشتة، أما الزمان فمزاج وذوق عيالنا غريب عجيب يحدده البعض عند عزمهم على الخروج للكشتة أحيانا خلال الفترة المسائية والعودة عند منتصف الليل أو بعد ما (يطلعون الشمس)!
أما أدوات الكشتة فهي عبارة عن إضاءات داخلية وخارجية، جلسات متنوعة، عدة شوي، آيس بوكس، عصائر ومثلجات، مغسلة وصابون ! كشاف وفوانيس، طاولات.... الخ) من أدوات العصر منها تكنولوجية النظم وأخرى تفوقها حتى تغيرت معاني ومفاهيم الكشتة لتصبح ذات معان مختلفة ابتعدت عن جماليات وقيم كشتة زمان، لتتحول إلى طعم مختلف لا يتذوقه إلا عيال هالوقت!
هذا التغير هو حالة طبيعية لتغيرات اجتماعية كثيرة لمجتمع سريع التغير! فأدركنا أن كشخة عيالنا فاقت أدوات كشتتهم خلاف ما كنا عليه أيام زمان عندما كانت كشتتنا لا علاقة لها بكشختنا، السؤال: إلى أي مدى سيقودنا هذا التغيير؟