يقول: كالعادة.. أقفلت الأبواب بوجهه ولم يتمكن من إنجاز معاملاته في مجمع الوزارات فقام بالاتصال بالسائق الذي أوقف سيارته بجانب صالة التزلج - لعدم وجود مواقف قريبة من مجمع الوزارات - ليأخذه ويعيده الى حيث أتى.
استقل سيارته والتزم الصمت... بدأ يقلب الأوراق ويعيد ترتيبها استعدادا لمعاودة المحاولة، ولكن هذه المرة عبر (واسطة) تنهي معاناته وينجز ما فشل في تحقيقه، لاحظ السائق توتر المعزب وانزعاجه الذي لا يعرف له سببا. بادر بالاستغفار لكن هذه المرة بصوت عال (استغفر الله، الحمد لله،... الخ) بهدف شد انتباهه.
يدير وجهه إليه مبحلقا بالأوراق التي عاد بها.. يقوم بتشغيل (راديو) السيارة ويطفئه على غير عادته، لم تفلح محاولات السائق في استنطاق المعزب.
نفد صبره وبدأ باستخدام وسيلة أخرى تجعل هذا المعزب (الزعلان) يتحدث معه ويشبع فضوله ليبادره بالسؤال التالي: بابا انت (يسمع قرآن)؟... يستمر المعزب في تجاهل السائق.. (نفرات ماكو سوق سيارة زين) يوجه السائق انتقاده لأصحاب المركبات الأخرى.. لم تنجح هذه المحاولة أيضا ليمنح نفسه راحة يعاود المحاولة بأسلوب آخر.
يكمل هذا المعزب قصته مع هذا السائق قائلا: هو قليل الكلام كثير الإنجاز ولم نعوده على (السوالف) مع أي من أفراد الأسرة ولم يشجعه احد يوما على إلغاء (الكلفة) معه، مع قناعته - حسب ما يقول - ان بعض السائقين (مو كفو تطيح الميانه) معاهم !.
يعاود السائق تكرار محاولاته: بابا يروح بيت؟ يسأله بالرغم من علمه بجهة العودة ! المعزب: تقود السيارة من مجمع الوزارات ولا تعرف جهتنا !! (بعدين شفيك تحوس.. تبي شي)؟ وهو مشغول في قراءة بعض الأوراق التي رجع بها.. اطلق أولى الإشارات التي شجعت السائق على التحدث معه... بابا انت ليش ماكو (smile)؟ انت زعلان؟ المعزب:.. ليش تبيني اضحك؟ (ترى) عندنا الضحك من دون سبب من قلة الأدب ! لا بابا مو يضحك.. أنا يقول (يحاول ان يعبر عن قصده من السؤال لكن المعزب فهم من شرحه السائق بالعربي المكسر) لماذا لا ابتسم، بشوش الوجه، واتهلل في وجوه الآخرين متوددا للناس.. هذا ما كان يقصد ! يسأل السائق: لماذا تبيني أن أكون بهذه الحال؟ (بابا.. كويتي فلوس واجد ماكو مشكل الحمد لله) ليش (بابا زعلان؟)
داخل بلاد مال أنا كل نفر(smile).. هو ماكو فلوس.. بابا موت.. ماما موت. (Yesterday) داخل بلاد (342) نفر موت من مطر، كل بيت خراب. في هذه اللحظات يعيد السائق لذاكرته شريط أحداث فيضانات ولاية (كيرلا - Kerala) الهندية وما عرضته وتناقلته القنوات الفضائية العالمية والمحلية من مآسي سكان هذه الولاية وتشريد اكثر من 150 ألف من الأطفال والنساء بعد أن تقطعت بهم السبل فالتشرد والإجلاء عن الديار له مفهوم آخر عندنا نحن الكويتيين ليتذكر حينها قول الحق تبارك وتعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم) يكمل: خفت خوفا شديدا من غفلة الشيطان تنقلنا من نعيم الحال والعيش إلى حالة إغواء وإضلال وتمرد وعصيان فنتناسى قوله عز وجل (وما بكم من نعمة فمن الله). يضيف: من يومها أقابل السائق بابتسامة واتركه بنكتة!