مهما تمكنت الثورة الرقمية من السيطرة على العقول البشرية فسيأتي يوم لا محالة بانقلاب هذه الثورة على من يديرها، فلا يصح إلا الصحيح دائما وأبدا وبكل أنواع وأشكال الحياة، فجميع من استطاعوا السيطرة على جزء من البشر على مر التاريخ انتهى الأمر بهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه بالتحكم بالبشر، فالله سبحانه وتعالى خلق البشر أحرارا وأنزل لهم الرسل لتوجيههم نحو طاعته وعبادته، فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقد أصبحنا اليوم نعيش في مرحلة استثنائيه قد تكون هي الأولى من نوعها لسرعتها في الأحداث والتطور والانتشار والسيطرة الحقيقية على سبعة مليارات إنسان على كوكب الأرض عن طريق العالم الرقمي الافتراضي والذي لا يحكمه أحد إلى الآن والذي هو من صنع قلة من البشر أرادوا المضي قدما في العلم الذي لايزالون يجهلونه واعتمادهم على الرقميات التي لا نهاية لها ولا يمكن السيطرة عليها وبلاشك تختلف تماما مع طبيعة ما خلقه الله تعالى، فكل شيء على الأرض له نهاية وموعد مكتوب وله نتيجة محسومه، فكلما أعطيت الطبيعة قدرها أعطتك مواردها التي تسهل على البشر الحياة.
وبالتالي، يجب إعادة توجيه الحسابات بين من يحكم العالم لمعرفة الطريق الأقرب للسلام والعيش، فالتكنولوجيا أصبحت كالسرطان يتجول في كل مكان ويؤثر على كل المجالات، فمهما تحكموا وأداروا العالم الرقمي فلن يستطيع احد التحكم به بل سيكون المتحكم عبئا على العالم ومصدر اختراقه ومصدرا لنشر الفوضى والدمار بين البشرية والفتن والخراب ودمار الأخلاق البشرية، فما تقومون به من اختراعات ورقميات وخوارزميات ما هي إلا طرق جديدة للسيطرة والتحكم وتكثيف وتنويع الفساد بشكل خطير، لذا لا يمكن ان نجعل من يحكمنا ويقرر مصيرنا هو عالم يعتمد على لغة الأرقام التي لا نهاية لها بل لن يحدد مصيرنا غير الله عز وجل مهما شئتم أم أبيتم، فلتجدوا حلا لهذه المشكلة، وأخيرا كل من أراد التحكم بالعالم بأي طريقة كانت استندوا الى شيء واضح فترة حكمهم ونفوذهم وسيطرتهم على البشرية وكانوا مستقرين نوعا ما، أما الآن فلا يوجد استقرار، فكل يوم شيء جديد ومعلومة جديدة وفكرة جديدة وأخلاق جديدة وعالم رقمي جديد عبث بكل التاريخ وبكل الأديان وبكل التوجهات إلا بالقرآن فهو الكتاب الوحيد المحصن لا يمكن إضافة شيء له أو تنقيص شيء منه أما دون ذلك فكل شيء يقبل الإضافة والتنقيص، لذا على الجميع اتخاذ موقف حقيقي تجاه هذه الثورة الرقمية والاستعجال بوضع خريطة حقيقية لتنظيم هذا العالم الجديد وللاستفادة من هذه الثورة لخدمة البشرية وإلا فستكون محاربتها هي الحل الوحيد لتفادي تضخم الأزمات بدلا من تمكينها بالشكل الصحيح!