بقلم: سامي الخرافي
سرح بي الخيال فجأة، عندما وقعت عيناي على حافلة كانت تحمل عمالا وتوقفت فجأة بالقرب من محطة الباص أثناء ذهابي للعمل، فتساءلت في نفسي لماذا يسعى كثير من هؤلاء العمال ومن جنسيات مختلفة الى العمل في الكويت، رغم أن الراتب في كثير من الأحيان يكون قليلا مقارنة مع مستوى دخل المواطن الكويتي وحتى مع مستوى بعض الوافدين الآخرين؟ فهؤلاء يسكنون في شقق متواضعة جدا بل «ورايحة فيها» ويسكنون في غرف مثل علب السردين، ولا أريد أن أتحدث عن معاناتهم وطعامهم وشرابهم وظروف سكنهم، لأن كثيرا منا قد شاهدهم وعرف مثل هذه الأمور عنهم.
لكن السؤال يبقى: لماذا يا ترى «يستذبح» هؤلاء على القدوم الى الكويت والعمل فيها؟
هل هو الراتب؟ أم رخص المواد الغذائية؟ أم هو الأمان؟ أم أمور أخرى، وهل استشعر أحدنا بتلك المعاناة التي يعانيها هؤلاء؟ أعتقد أن من يتأمل في حال هؤلاء لابد أن يرسم ابتسامة الرضى على ما نحن فيه من نعم وخيرات، وقد قدم هؤلاء للكويت من أجل القيام بأعمال لا يقوم بها المواطن، إلا ان مشكلة البعض منا في الكويت أننا لا نقدر هذه النعم والفضائل، وبرأيي أننا لكي نعرف قيمة ما نحن فيه من نعيم هو ان نجرب في «الويك اند» مثلا. ركوب باصات النقل ونحس بمعاناة الآخرين وآلامهم، ولنشاهد بأعيننا ما يعانيه كثير من الناس، أعتقد أن البعض قد يستغرب الفكرة ويضحك من سذاجتها، ويقول في نفسه ما الحاجة من ذلك وانا لدي الخير والسيارة الكشخة التي توصلني الى أي مكان أريد الذهاب اليه؟ وذلك هو ما أصبو اليه، ان ترفع يديك عاليا وتحمد ربك وتشكره على أنك في خير ونعمة، وان تشعر بمعاناة غيرك، وهناك أمر آخر هو أن العامل البسيط الذي يخدمك في كل مكان تتواجد فيه انت من أجل راحتك، الا يستوجب منك أن تشكر ربك وتقول اللهم لك الحمد حمدا كثيرا على ما أنا عليه؟!
أعتقد لو أن كل واحد منا فكر بذلك لما وجدت تكشيرة كثير من الموظفين في وجهك في الصباح أثناء مراجعتك لاحدى وزارات الدولة، فكل واحد منهم عاقد النونه «سلم قلبه» وماله خلق، فلو جربت معاناة غيرك لما وصل بك الحال الى ذلك، والفكرة أن يحمد الانسان ربه ويشكره دائما «فبالشكر تدوم النعم»، وأقول لكل موظفينا كلما تبي تعقد النونه (اخو قلبي ياموظف) تذكر الباص والجنسيات اللي فيه، وعشقهم لبلدك الذي تعيش فيه، أعتقد انك حينها ستبدع في عملك، لأنك ولد هالديرة والأحرص على سمعتها، وأعتقد أيضا أننا سنلقى كل موظف وقد ابتسم في وجه أي مراجع وساعده بكل حب على تخليص معاملته، وسيبقى دائما مبتسما لأنه ابن الكويت وعاش على أرضها، فهل يتحقق ذلك؟
[email protected]